آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 03:12 م

كتابات واقلام


عدن مدينة التعايش والسلام

الخميس - 08 يوليه 2021 - الساعة 08:32 م

نعمة علي احمد السيلي
بقلم: نعمة علي احمد السيلي - ارشيف الكاتب


عدن مدينة التعايش والمحبة والسلام والحاضنة لكل الانتماءات سكنها ابن الجنوب وابن الشمال والهندي والصومالي واليهودي وغيرهم من الجنسيات وشكلوا  نسيجها الأجتماعي وارتبطوا بعلاقات اجتماعية.

وعلى مدار التاريخ كانت نقطة التقاء لشعوب وأعراق عديدة لا نقول هذا جزافا بل إن التاريخ يؤكد هذا يقول المؤرخ بامخرمة ( القرن الثامن الهجري) (( وغالب سكان البلد عرب مجمعة من الإسكندرية ومصر والريف والعجم والفرس وحضارم ومقادشة وجبالية وأهل ذبحان وزيالع  وحبوش.. .وقد التام إليها من كل بقعة ومن كل ارض ....)).( تاريخ ثغر عدن .مكتبة مدبولي ١٩٩١ ص ٥٤.

ويقول أحمد فضل القمندان (( وعدن اليوم سوق التجارة وميدان الربح والخسارة .ام مدن اليمن ....ومن احصن حصون البريطانيين .....وهي مع ذلك سوق تجاري ضخم ...يبلغ عدد سكانها مع ضواحيها قرابة خمسين ألفا من سائر الأجناس إذ فيها الافرنجي والفارسي والهندي والصومالي ومن سائر شعوب أفريقيا وآسيا..)) ( هدية الزمن .دار العودة .بيروت.١٩٨٠.ص ٢٣) 

  وعندما احتل الإنجليز عدن كانت قد فقدت أهميتها بوصفها مركزا تجاريا لا سباب عديدة كان أهمها أن الاوربيين أسسوا لهم شركات واساطيل تجوب البحار ويتنافسون على السيطرة على الموانئ وطرق المواصلات فتعرضت عدن لهجمات البرتغاليين والفرنسيين كما أن زوال الدول القوية التي كانت تحكم البلاد وآخرها دولة الطاهريين قد سبب ظهور صراع بين القبائل المحيطة بعدن فكان ذلك سببا في تراجع مكانتها حتى أن عدن حين احتلها البريطانيون كان يسكنها بضع مئات من الصيادين .

 وبمجرد ما استقرت الأمور للبريطانيين نجد أن سكان عدن في تزايد مستمر من سنة إلى أخرى لأسباب عديدة أهمها الاستقرار ورغبة البريطانيين في إنشاء مرافق إدارية وتجارية وتشجيعهم للتجار الأجانب والمستثمرين الذين وجدوا في عدن ميدانا جديدا لنشاطهم فجاء إليها الفرس والهنود واليهود وغيرهم إلى جانب أبناء المناطق المحيطة بعدن ومن مناطق الشمال الذين كان أكثرهم عمالا في البناء، وتناول البضائع من السفن و في استخراج الملح وبعضهم اشتغل بأعمال اخرى لكسب الرزق.  
(( طبعا عدت الى بعض المراجع ولم انقل  حرفيا والعبارات التي نقلتها حرفيا وضعتها بين أقواس للقضاء على اللغط الذي،يدور من بعد قيام دولة الوحدة ونحن كنا اخوة تجمعنا وشائج القربى ونعيش في حب وسلام))
      لقد تأسس مجتمع جديد متنوع وخليط من كل أصقاع الارض من اليهود والهنود والفرس والصومال والأفارقة واليونانيين.
وكانت هناك شوارع ومناطق تعرف بساكنيها فهناك حافة الطليان في المعلا تقع خلف مبنى السنترال الوطني وحافة البنيان واليهود في كريتر وحافة الصومال في المعلا وفيها المسجد المعروف بهذا الاسم حتى اليوم وهناك حافة دبع وحافة القريشة وكود بيحان في الشيخ عثمان وغيرها من الشوارع والاحياء التي عرفت بأسماء ساكنيها.

أن مجتمع عدن المدني هو نموذج للتعايش والسلام نجد مثله  في كثير من البلدان لا سيما تلك البلدان التي عرفت التنوع العرقي لأسباب كثيرة ثقافية واقتصادية وسياسية. 

  فالبرازيل وامريكا وإندونيسيا وهونج كونج وسنغافورة وماليزيا وغيرها هي بلدان متعددة الأعراق والثقافات والديانات لكنها تقوم في تكوينها السياسي على احترام هذه التعددية ولم نسمع دعوات إلى تغليب مكانة جماعة على آخرى بل الجميع يحتكمون إلى دستور وقانون واحد.  
 وفي بلادنا كانت عدن تتميز بهذه التعددية ولكن الإنجليز لم يعملوا على تحقيق تكافؤ الفرص بين المكونات الاجتماعية المختلفة بل سعوا إلى تمكين الأجانب على حساب ابنائها فظهرت دعوات الحكم الذاتي وعدن للعدنيين واتضحت الرؤية بعد ان كنا نرددها دون وعيا بمغزاها لاسيما وان المطالب بعدن للعدنيبن رجل القانون والشخصية العدنية المتميزة . برجاحة العقل وليس جمعية المرأة العدنية كما يروج له ولم يكن مطلبه فيه بعد عنصري بل كان يطالب بحق أبناء عدن في شغل بعض الوظائف التي ظلت حكرا للاجانب. 
 هذه الدعوات لم تنتقص حق الآخرين في العيش والحياة الكريمة بل كان هدفها تحقيق المساواة بين سكان عدن .
   لقد نشأت في عدن ثقافة التسامح والشعور المشترك بالانتماء إلى هذه المدينة التي كان الانتساب إليها هو الثابت والعيش فيها هو الميزان العادل بين  الناس وهذا ما يسود كل دول العالم المتحضرة والتي يحق للقادم اليها طلب الجنسية بعد خمس سنوات من هجرته اليها وفي عدن كان التعارف بين الناس   بأسمائهم الثلاثية ولا احد فينا يسأل الاخر انت من فين...؟ وتجسدت بعد الوحدة ليحدد السائل علاقته بك وهذا دليل على أملاق اخلاقي مما دفع ببعض من أنتماءاتهم يدارون انهم من ابناء، الشمال وظهرت العنصرية والمناطقية والولاءات الضيقة بعد الوحدة التي كانت وبالا علينا جميعا ولم يستفيد منها سوى من سلب ونهب من زبانية النظام وحاشيته المقربة ومن خدموا لمصلحة النظام حتى وان كان على حساب الغالبية العظمى من ابناء الجنوب.

اخي العزيز وديع امان فعلا كانت عدن واهلها هم من سكنت فيهم وليس من سكنوا فيها والشواهد عديدة تؤكد التنوع في نسيجها الاجتماعي وياتي الان في هذا الزمن الرديء من يصنف بعض مواطنيها باوصاف ما أنزل الله بها من سلطان .
   وإذا ما ناقشته في ذلك رد عليك انت صومالي أو هندي أو من عرب ٤٨  او طالبت بحق ابناء عدن في شغل وظائف السلطة المحلية اسوة ببقية المحافظات تكون التهمة جاهزة انتم دعاة عدن للعدنيين وهو لا يمتلك أي خلفية عن لماذا رفع هذا الشعار.

  انها عنصرية مقيتة ومن العار علينا ان ننسى من كان له فضل علينا . أما مصطلح عرب ٤٨ الذي يتلفظ به البعض ويقصد به أبناء الشمال الذين سكنوا عدن منذ عقود مصطلح لا ينطبق على ما يريده هؤلاء وهو تجريد هؤلاء من الانتساب إلى هذه المدينة هذا المصطلح يا سادة اطلق على عرب فلسطين الذين فضلوا البقاء في وطنهم بعد النكبة ولا زالوا يعيشون في ما يسمى الخط الأخضر في دولة الاحتلال (إسرائيل ).
فينبغي علينا الا نخلط بين هذا وذاك ولا ينطبق على من سكنوا عدن منذ ما قبل القرن العشرين ومن جاءوا إلى عدن في القرن الماضي طلبا للعيش الكريم أو هربا من ظلم الأئمة ومن هؤلاء الشهيد محمد محمود الزبيري ومن معه الذين هربوا من بطش حكم الأمامة واتخدوا من عدن مقرا لهم فاذا هم عرب ٤٨ فنحن الى من ننتمي....؟ 

   نحن خصومتنا مع نظام اتتهك كل الأعراف والقوانين المتعارف عليها واقدم على ممارسات وسلوكيات جعلتنا نكره التفكير بشيء اسمه الوحدة لانه استحوذ على كل مقدرات الجنوب حتى الثروات السيادية لم تسلم من نهبه وسلبه وتحويلها الى املاك خاصة للقبيلة والمتنفذين وحاملي المباخر، على حساب الغالبية العظمى من ابناء الجنوب.

أن الجنوبيين حين يعلنون ثورتهم على النظام الذي تأسس على أنقاض الوحدة فذلك لم يأت من فراغ  بل كان نتاجا طبيعيا لفساد نظام صنعاء الذي جعل الوحدة والدولة مجرد غنيمة وفيد لتحقيق مصالحه ومصالح اتباعه شيوخ القبائل والمتنفذين فكان ذلك ضربة موجعة لاحلام كل الوطنيين في دولة موحدة
تقوم على أسس ديمقراطية وتحقق لمواطنيها حياة كريمة.
لقد كنا نحن اكثر ابتهاجا بالوحدة لان توجهاتنا السياسية والحزبية كرست الوحدة كقيمة انسانية نبيلة وانها فاتحة خير على الشعبين منذ نعومة اظفارنا وهذا الذي لم يحصل اطلاقا بل تحولت الوحدة الى جوهرة في يد فحام.