آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 07:39 م

كتابات واقلام


مات البروفيسور أبوبكر السقاف

الجمعة - 16 ديسمبر 2022 - الساعة 02:31 م

د. سمير شميري
بقلم: د. سمير شميري - ارشيف الكاتب


المفكر اليمني- العربي البروفيسور /أبوبكر السقاف - مات وفي قلبه غصة ألم وفي عينه دمعة حزن ، مات جريح القلب قريح العين مكسور الجناح على وطن هش كهشاسة بيت العنكبوت تحطم كأناء من الفخار :
(يقولون إن الإنسان يشيخ عندما يتقدم به العمر ، لكنه يشيخ عندما ينطفئ ضؤ ما كان في روحه )" التبريزي".

لقد دافع عن الوطن والحرية والإنسان ، نافح عن الفقراء والمظلومين والمساكين والمحاويج والبؤساء ومن لاحيلة لهم من الفئات الضعيفة في المجتمع.

وكان يؤكد دوما ( إن الخروج من المأزق لا يتحقق بالاصرار على كل اللاهوتيات التي صنعت حاضرنا المرعب على الصعد كلها ، وجعلنا عبيد القرن الواحد والعشرين ، بل في إعادة التفكير بمنهج النقد الذاتي التي طال خضوعنا لشروطها الذهنية والنفسية حتى الإدمان ، وفتح أفق التفكير النقدي لمواجهة الأصنام ) .
عُرف بالبراعة في الحديث والتفكير والحوار وكان صاحب نخوة ورجولة لايهاب السراق وأهل الجور والاغتشاش من لا أخلاق لهم ولا عفاف .
كره التزلف وشطحات أهل القوة والهيمنة والتكفير والتخوين ، كره الدجل والمخادعة و الخبث والبلاهة وتضليل الرأي العام واستهبال العقل .
وهو القائل(جلادو الأمس لايمكن أن يكونوا منقذي اليوم ، فمشعل الحرائق ليس اطفائيا ).
فحياته كلها كفاح وألم وشقاء ونضال ولاقى اضطهادا ومعارضات ومضايقات لاتحصى .
عندما عجز أهل الشوكة والسيف على كتم صوته وكسر شوكته ضربوة في الشارع في وضح النهار مع زميله الشاعر/زين السقاف ورموهما في منطقة نائية ليموتا كمدا ووجعا وجوعا وعطشا.

قاوم الدكتاتورية والعنف والإرهاب الجسدي والمعنوي والصدمات الجسيمة ورفض أن يبتلع لسانه أو أن يصمت ، فالدكتاتورية حسب تعبير الدكتاتور الأسباني فرانكو ( هي أن تجعل المثقفين والمفكرين يصمتون ) .

حلم بوطن جميل تسود فيه العدالة والانصاف والمواطنة المتساوية بوطن يمزق الأغلال و أسداف الظلام ، لكنه اصطدم قبل آخر شهقة في حياته بحروب وفوضى وفتن وخطابات إستعلائية عنصرية حالكة لاضؤ فيها ولا وميض وانقسامات وتشرذمات وعصبيات ومليشيات وقبائل وعقائد صعبة الهضم تنهش عقل وروح وجسد المجتمع .
رأى النخب الحاكمة تمارس ألوانا فضيعة من اللصوصية والجور والاغتشاش وبشعارات كاذبة وببكائيات حارة وبأفكار مستهلكة تلوكها الألسن :
( لقد أعطونا الساعات واخذوا الزمن ، أعطونا الأحذية واخذوا الطرقات ، أعطونا البرلمانات واخذوا الحرية ، أعطونا العطر والخواتم واخذوا الحب ، أعطونا الأراجيح واخذوا الأعياد ، أعطونا الحليب المجفف واخذوا الطفولة ، أعطونا السماء الكيمياوي واخذوا الربيع ، أعطونا الحراس والأقفال واخذوا الأمان ، أعطونا الثوار واخذوا الثورة ) " محمد الماغوط " .
عزيزي الدكتور/أبوبكر السقاف ( لا يزال الليل ليلا ) كما أكد الروائي العالمي فرانز كافكا. إننا نعيش زمن الانهيارات والثعابين السامة والانفلات والغرائب والغرائز البدائية والخرافات والأوهام وخيبات الأمل العظيمة ، (إحنا في زمن المسخ )كما قال علأ الأسواني في روايته " عمارة يعقوبيا " .
( منذ ولدت وأنت تقاتل الحياة لتصل إلى موتك سالما ) "محمود درويش " .

أستاذ علم الاجتماع-جامعة عدن