آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 05:00 ص

كتابات واقلام


البساطون الناهبون

الخميس - 20 أغسطس 2020 - الساعة 10:21 م

سالم محمد الضباعي
بقلم: سالم محمد الضباعي - ارشيف الكاتب


ظاهرة البسط على الأراضي ونهبها في عدن ظاهرة مقيتة ومدانة ومن المعيب السكوت عنها او التقليل من شأنها قبحاََ وخطورة وتضاعفت هذه الظاهرة خلال السنوات الخمس التي اعقبت عاصفة الحزم وتحرير المحافظات والمناطق التي أصبحت تحت سيطرة الشرعية والتحالف الداعم لها.
تتعدد الوسائل والطرق التي يقدم عليها الناهبون والباسطون على الأراضي وتتنوع أشكال ممارستهم لهذه الرذيلة التي ظلت تسير بصورة متوازية مع البناء العشوائي وسياسة القوة وفرض الأمر الواقع عن طريق شبكة مترابطة من الفاسدين الذين يستغلون غياب الدولة وضعف السلطة والذين يتوزعون على مختلف مواقع الوظائف العامة من أعلى المناصب في الدولة (المفترضة) وحتى أصغر موظفي السلطة المحلية على مستوى المديريات والمراكز ورجال المال والاعمال الفاسدين ومجاميع العصابات الاجرامية التي ازدهرت في مناخات هذه المرحلة والتي تمول بسخاء وتقوم بدور وظيفي خادم لمجاميع الفساد ورموزه ولعل أخطر وأسوأ وأحط ما في هذه الظاهرة هو الاستقواء بالسلاح الرسمي للأمن او التشكيلات الأمنية المستحدثة من الأحزمة وما تسمى بقوى مكافحة الإرهاب او الصواعق والنواعق وغيرها.
أنا على قناعة كاملة ان ظاهرة الفساد والعشوائي والبسط والنهب للأراضي والممتلكات العامة قد أظهرت أسوأ وأحقر ما زرعته المدرسة (الدحباشية) طوال العقود الثلاثة الماضية في مجتمعاتنا المحلية من حيث تبنيها وتشجيعها لمثل تلك الأعمال وتمجيد من يقومون بها بنجاح (حمران العيون) وهم في حقيقة الأمر ليسوا اكثر من سراق ولصوص محترفون حتى أصبح من المتعارف عليه انها أصبحت نهجاََ وممارسة شبه رسمية ويحضرني في هذا السياق مقولة الاستاذ عبدالقادر باجمال شفاه الله وعافاه وهو في منصب رئيس الوزراء عندما قال :
(من لم يغتني _بمعنى يصبح غنياََ _في عهد الرئيس علي عبدالله صالح فلن يغتني بعده بأي حال) وعندما عقب مهوناََ من شأن ظاهرة الفساد بمقولته الشهيرة (الفساد ملح التنمية) كان الاستاذ باجمال يشخص بدقة جوهر المدرسة الدحباشية في اوج ازدهارها لكن ومن غرائب الأمور انه وبعد كل الأحداث التاريخية الكبرى التي شهدتها البلاد بدءاََ باندلاع الحراك الشعبي في الجنوب عام 2007م ومروراََ بثورة فبراير الشبابية الشعبية عام 2011م وانتهاء باندلاع عاصفة الحزم وبمعركة تحرير المحافظات الجنوبية وبعض المناطق الأخرى عام 2015م وقيام المجلس الانتقالي الجنوبي أقول انه من غرائب الأمور بعد كل تلك الأحداث ما تشهده محافظة عدن من انبعاث ذميم وازدهار عميم لممارسات المدرسة الدحباشية في مجال الفساد والبسط والنهب للأراضي والممتلكات العامة والخاصة والعشوائي المحمي بالقوة والمال وتورط كافة الأطراف المعنية في عدن بتلك الظواهر بدءاََ من سلطة وحكومة الشرعية المعترف بها دولياََ ومروراََ بالمجلس الانتقالي وادواته الأمنية والعسكرية وانتهاء بقيادة التحالف العربي والمنظمات الدولية.
يخطئ كل من يشخص هذه الظاهرة او تلك على أنها ممارسات مناطقية خاصة بهذه المنطقة او تلك يسوقه لذلك الهوى السياسي او الحزبي الأناني ضيق الأفق ومدفوع الأجر فتلاميذ المدرسة الدحباشية ينتشرون على كافة المحافظات ومناطق البلاد ويقتربون من هذه الممارسات بقدر قربهم من مراكز القوى الدحباشية الفاسدة والمناصب الحكومية التنفيذية وامتلاكهم للمال الحرام والقوة العسكرية المنفلتة التي لا تخضع للمحاسبة.
وعلى كل ما تقدم فإننا نبارك الحركة الشعبية الاحتجاجية على ظواهر البسط العشوائي ونهب الأراضي والممتلكات العامة والمتنفسات التي تشهدها عدن هذه الأيام وندعو لترشيد عملها من خلال تشكيل اللجان الشعبية التي ترصد وتوثق المعلومات الحقيقية الصادقة حولها ونأمل ان يساعد ذلك السلطات الجديدة التي ستنبثق عن تنفيذ اتفاق الرياض على مستوى السلطة المحلية والحكومة والسلطات القضائية لمعالجة ذلك الملف الشائك والمتراكم الذي يعيق وسوف يعرقل كل جهود ومشاريع إعادة البناء والإصلاح والتنمية والاعمار ويهدد الأمن والأمان والاستقرار المجتمعي المنشود.
هذا والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم النصير.
الخميس 20 أغسطس 2020