آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:50 م

اخبار وتقارير


ظواهر مجتمعية أنتجتها بيئة ونفسيات مشوهة قضت على الأمان في عدن (استطلاع)

الجمعة - 11 أكتوبر 2019 - 05:08 م بتوقيت عدن

ظواهر مجتمعية أنتجتها بيئة ونفسيات مشوهة قضت على الأمان في عدن (استطلاع)

استطلاع/ فاطمة العبادي:

مع انتشار الجرائم وازدياد حالات الاختطاف والقتل في عدن زاد الشعور بالخوف وقل الإحساس بالأمن والأمان اللذان يعتبران الأساس في العيش المجتمعي السليم , واضطر بعض أفراد المجتمع من تغيير نمط العيش المعتاد بنمط تقليدي أخر لتجنب التعرض للمخاطر واضطر آخرين إلى تقليل الخروج من المنازل خشية من حدوث مكروه قد يصيبهم , ألا أن المصاب والخطر قد وصل إلى المواطنين في المنازل .

صحيفة "عدن تايم" سلطت الضوء على هذا الأمر وسالت عينة مختلفة من أفراد المجتمع عن شعورهم إزاء ذلك واختلفت إجابات المواطنين بحسب ما يشعرون به وبحسب المواقف التي واجهتهم أو تعرضوا لها .



خوف:
الطالبة الجامعية فاطمة ناجي عوض " لا اشعر بالأمان قط , فنحن في عدن نشعر بالخوف بشكل مستمر , خاصة بعد سماع حوادث القتل والاختطاف الحاصلة في البلاد , وارتبك جدا عند الخروج من المنزل خشية ان يحدث مكروه ما ولكن ذلك لم يمنعني من الذهاب إلى الكلية ..فانا طالبة جامعية ولن استطع التغيب من المحاضرات , ولا يسعني القول إلا أن نأمل بتحسن الحال وتوفير الأمان وبعدها الخدمات الأساسية التي بأمس الحاجة لها في عدن ".


غياب الحكومة :
وعند سؤال "سهى عبدالواحد" التي تعمل سكرتيرة في مكتب حكومي اكتفت بالقول "إذا توجد حكومة فعلية داخل البلاد لن يحدث ما حدث , نحن في عدن دائما نسمع عن الجرائم ونادرا ما نرى العقاب الفعلي بحق المجرمين ومع ذلك مضرين للخروج للعمل والدراسة , ومدركين أن الحل الجذري ليس من المواطنين أنفسهم بل من الجهات الأمنية والسلطة الأعلى وبالرغم من ذلك بإمكان الأهالي توعية أبنائهم بخطورة ما يحدث , وعلى قيادة المجتمع التوعية قدر الإمكان ".

خطر:
وتوقنا عن حادثة كادت أن تصيب فتاة شابة في عدن عند خروجها من عملها وعودتها إلى المنزل .. تقول الأخت خضرا الفضلي "أمارس عملي الخاص بشكل يومي في مطعمي الخاص, وأغلق المطعم عند الساعة العاشرة والنصف ليلا لأعود بعدها إلى المنزل .. وفي ذات مره حدث أمر طارئ لسائق التاكس الذي اعتاد الذهاب والرجوع معه, ولم يتمكن من ألمجي إلي في تلك الليلة , عندها اضطررت إلى ركوب تاكسي لإيصالي إلى المنزل,, وهنا كانت ستحدث الكارثة فقد حاول سائق التاكسي اختطافي وقاد السيارة بشكل مسرع جدا باتجاه ساحل أبين عندها شعرت بالرعب وصرخت بأعلى صوتي وهددت السائق بعبارات لفظية وفتحت باب التاكسي وكنت اصرخ بأعلى صوتي حتى أوقف التاكسي ونزلت منه وأكملت طريقي مشيا على الأقدام حتى وصلت منزلي .. " وعلقت خضرا بعدها "بعد الذي حدث لي لا اشعر أبدا بالأمان أصبحنا مهددين بأي شي وفي أي وقت دون محاسبة الفاعل أو معاقبته ".


تناقض:

وقال الناشط الإعلامي حمدان بن مجمل "هل اشعر بالأمان ؟ أن هذا السؤال على بساطته في غاية التعقيد، أنا شعر في الحقيقة بالتناقض، فأجيب نعم اشعر بالأمن والطمأنينة لأنني في وطني في أرضي وعلى الرغم من تعاسته، فمهما بلغ حجم المصاب الذي آلم بالوطن إلا أنه يبقى ملاذا أمنا لا يتوفر في أي رقعة جغرافية أخرى على كوكب الأرض في وطني أنا أمن تحت الرصاص" وبذات الوقت أجيب بكلا، لا اشعر بالأمن حالي كحال أي مواطن وأي حديث عن الأمن في ظل ما تعانيه البلاد هو ضرب من الجنون، فعن أي أمن نتحدث وسلسلة الاغتيالات لم تفتر منذ سنوات و المواطن تغتصب أرضه وممتلكاته من قبل متنفذين بقوة السلاح والعبوات والأحزم الناسفة تحصد الاروح البريئة والقضاء مغيب، والداخلية معلقة، والحكومة مغتربة؟ عن أي أمن نتحدث ونساءنا يصبحن ثكالى ويمسين أرامل؟ لا يمكن الحديث عن السلام في ظل الحرب فتصارع وتضارب المشاريع السياسية سواء المحلية منها أو الإقليمية أو الدولية في بلدنا يقوض وينسف أي محاولة لسلام.

وأضاف حمدان "ظاهرة حمل السلاح او إطلاق الأعيرة النارية في الأحياء خصوصا في الأعراس أرها أمرا طبيعيا ،فأي حرب لها تبعتها وهذه الظاهرة إحداها، هناك بعض الحملات المناهضة لهذه الظاهرة تظهر وتختفي فجأة دون أن يكون لها أثر واضح يلمسه المواطن، أي أن التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة من قبل الجهات الأمنية لا يتناسب مع حجم خطورتها إذا أنها أزهقت ارواح بريئة وتهدد أمن وحياة وسكينة المواطنين، فلا أمن يذكر إلا محاولات من الحزام الأمني تظل قاصرة علي أي حال، أضف إليه أن ليس هناك من يقوم بدرع هؤلاء من ممارسة هذه السلوكيات أو التصرفات الغير مسؤولة فمن أمن العقاب أساء الأدب".

أما بالنسبة عبدالوهاب محمد حمود طالب في كلية الطب والعلوم الصحية قال "بعض الأحيان لا اشعر بالأمان لان الحس الأمني ليس بقدر المسؤولية الموكلة إليه ونتمنى من الأجهزة الأمنية أن تحقق الكثير من الانجازات في مكافحة الخلايا الإرهابية وضبط الكثير من الإرهابيين والخلايا النائمة "

"ونتمنى ان يتم البحث عن الأشخاص المدربين والضباط السابقين اللذين لديهم الخبرة الكافية في مجال الأمن ولا بأس ان يدخلوا الأشخاص الجدد معهم ولكن ليوكلون لهم مناصب عالية إلا بعد التدريب والممارسة واخذ الخبرة ممن هم اسبق

وأضاف "كذلك مكافحة إطلاق النار لم تتم بالشكل المطلوب صحيح أن الظاهرة قلت ليست كما في السابق بفضل قوات الأمن والحزام الأمني الذين يعملون على مكافحة هذه الظاهرة في العاصمة عدن ولكن لم تتوقف بالكامل ونقترح أن تضاعف الأجهزة الأمنية جهودها في الحد من هذه الظاهرة لكل من يخالف قانون وقف إطلاق النار في الإحياء السكنية وان تتم معاقبتهم ليكونوا عبرة للآخرين ".



ولعل إجابة المواطن منيف عبدالغفور تختلف نوعا ما وأوضح "انأ اشعر بالأمان ولكن ليس الأمان والأمن الذي نتطلع له في وقتنا الراهن ونحن نشاهد الكثير من الظواهر السلبية والانفلات الأمني كالقتل والمخدرات والتقطع والتفجيرات والاغتيالات وغيرها من المظاهر والتي تكون مدفوعة من جهات سياسية او متنفذه وتقف وراء كل هذه الفوضى لإغراض سياسية ولإقلاق السكينة العامة وشاهدنا هذه الظواهر السلبية والانفلات الأمني يتنامى بعد ثورة الربيع العربي وحتى يومنا هذا والذي فتح المجال لامتلاك الكثير من الشباب للسلاح" .
وأضاف "نتطلع أن تفرض السلطة و القانون بالقوة وإعادة تفعيل الشرطة واقتلاع العناصر الفاسدة فيها لإفساح المجال لفرض القانون والقبض على القتلة وتقديمهم للعدالة والذي يتزامن مع فتح المحاكم للنظر في كافة القضايا وإعادة هيبة الدولة والتي أصبحت متهرئة وعاجزة عن حل الكثير من القضايا التي تهم المواطن وكذلك حملات مطلقي النار في الأحياء السكنية التي حصدت الكثير من الأبرياء ولم تنجح بالشكل المطلوب".

وقالت الطالبة ريحانة باحسن" اشعر بالأمان نوعا ما لأننا في بلاد لا تعطي للأشخاص حقها ولا تنصر المظلوم, ومن ممكن جدا أن تحدث الأزمات في أي وقت وأي مكان ويجب نشر ثقافة الهوية زرع حب الوطن في قلوب أطفالنا وأجيالنا وإقامة المساواة والعدل بين الجميع".


تحليل:
ولمعرفة أبعاد ذلك الأمر على نفسية المواطنين ولماذا الردود مختلفة بالرغم من ان المجتمع واحد توجهنا بالحديث مع أستاذه في علم النفس وهي شيرين فاروق وقالت "كل الأحداث في عدن وشعورنا جميعا بانعدام ونقص الأمان يؤثر على كافة نواحي الحياة , الاقتصادية والاجتماعية وغيرها..
وقلة الأمان شاهدت تأثيره بنفسي على فئة الشباب والبنات سواء داخل الجامعات او خارجها ولكن درجة التأثير تختلف من شخص لأخر ومن فئة لأخرى , ففي المقاعد الدراسية ألاحظ توترا كبيرا في هذا العام والعام الماضي كثير من الفتيات اضطرن لترك العمل في المساء الذي كان يعيلهن على إكمال الدراسة الجامعية , الأمر الذي اثر سلبيا على حضورهن الجامعي الدائم , وعند سؤالي بالبعض منهم كانت الإجابات متشابه وهو الخوف من التعرض للسرقة واو التهديد او التحرش وبالتالي فقدت الكثيرات فرص عملهن بسبب انعدام الأمان اما بالنسبة للشباب فمن المؤسف ان البعض منهم هو ضحية ومتسبب في ان واحد , فكما نلاحظ العدد من الشباب ينخرط في أعمال إرهابية بهدف الربح المادي وقد يترك عمله إن وجد او دراسته في سبيل الحصول على لقمة العيش حتى وان كانت بطرق غير مشروعة .. وهناك حالات أخرى اقل خطورة وهم الشباب الذين طالتهم ظروف الحياة الاقتصادية وأثرت على مستوياتهم الدراسية وذلك بسبب العمل والدراسة في ان واحد , ولوحظ تغيب الكثيرين منهم في العام الدراسي الماضي وفي مطلع هذا العام ايضا

وأرجحت فاروق الاسباب الى الفقر و الجهل واقترحت عده معالجات منها " اقترح بتعليم توعوي يركز على القضايا الحاصلة في المجتمع ويكون بشكل مكثف ويخاطب كافة المستويات العمرية والعقلية , ويجب على الجميع ادارك ومسؤولية ذلك الأمر من قبل الجميع , ويمكن معالجة الفقر بشكل مجتمعي من خلال المبادرات وتطوير مهارات الشباب للحصول على عمل بعيدا عن الانخراط في الأعمال الإرهابية , وكذلك عمل مساهمات مجتمعية للطلاب في ما بينهم البين".