آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:14 ص

اخبار وتقارير


من هو الطفل الجنوبي الذي واجه الأمن المركزي بعدن في 2014 واثار دهشة الكثيرين؟

الجمعة - 28 فبراير 2020 - 08:24 م بتوقيت عدن

من هو الطفل الجنوبي الذي واجه الأمن المركزي بعدن في 2014 واثار دهشة الكثيرين؟

عدن تايم / كرم أمان

حظي مقطع فيديو نشر قبل نحو 6 سنوات لطفل جنوبي وهو فاتح ذراعيه أمام جنود وأليات عسكرية لقوات الأمن المركزي في مدينة كريتر بالعاصمة عدن ، لإعجاب الكثيرين ، فضلاً عن تداوله على نطاق واسع في المواقع وشبكات التواصل الإجتماعي في ذلك الحين .

ويعيد ناشطون جنوبيون نشر ذلك الفيديو مرات عديدة وفي أوقات متفاوتة ، كان أخرها للقيادي في المجلس الإنتقالي الجنوبي أحمد عمر بن فريد على صفحته في تويتر ، قبل أيام ، مؤكداً أن نضال الجنوبيين لم يكن وليد عام 2015 ، إذ قال : "إلى جميع الجهلة بقضيتنا ومسيرتنا النضالية والذين يعتقدون أنها وليدة ما بعد ٢٠١٥ (...) انظروا الى هذا الطفل الجنوبي البطل الذي كان يواجه قوات دولة عفاش عام ٢٠١٤ ضمن مسيرة نضال شعبنا التواقة الحرية والاستقلال لعلكم تفهون".

على العهد سائر

على مدى 6 سنوات ، هناك الكثيرون لم يكونوا يعلمون هوية ذلك الطفل الذي أثارت وقفته وحماسته وشجاعته في فتح ذراعيه أمام جنود يرفعون أسلحتهم عليه في شوارع عدن غير آبه برصاصاتهم دهشة وإعجاب الكثير منهم ، ومنهم القيادي بن فريد الذي عبر عن دهشته عند معرفته وتواصله مع الطفل صابر صاحب أشهر مقطع فيديو في جنوب اليمن .

وفي تغريدة أخرى قال بن فريد : "تواصلت مع البطل صابر صاحب فيديو الطفل الذي واجه بشجاعة قوات الإحتلال في مرحلة مبكرة من نضالنا السلمي واهدى لي صورته اليوم ضمن القوات الجنوبية وأكد بأنه على العهد سائر.. من مثل صابر لدينا ألف وألف صابر ومرابط من أجل الشرف والكرامة والحرية والاستقلال، وبهم بعون الله سينتصر الجنوب".

من هو صابر ؟

وضمن جهودنا في عدن بالتحديد ، تمكنا من الوصول الى الشاب صابر الذي أصبح اليوم ذو 20 ربيعاً ، وأحد منتسبي ألوية العمالقة ، في اللواء الرابع صاعقة المرابط في محافظة أبين ، وأجرينا معه لقاء خاص ، تحدث فيه بكل شفافية وبساطة عن شخصيته ونضالاته وموقفه منذ الفيديو المتداول الذي أظهر شجاعته وعرف به عند العامة .

تعرفنا على ذلك الشاب وهو صابر محمد بدر الردفاني ، الذي ولد في مطلع الألفية الثالثة في أسرة جنوبية بسيطة وتربى في مدينة كريتر وتحديداً في منطقة الروزميت بعدن ، ودرس في مدرسة شمسان للبنين حتى الصف الثامن (ثاني إعدادي) وخرج بعدها من المدرسة بسبب الحرب الحوثية الإنقلابية التي وصلت عدن في العام 2015 ، ليلتحق بعدها في صفوف المقاومة الجنوبية قبل أن ينتسب لاحقاً في اللواء الرابع عمالقة .

مسيرة نضاله

يقول صابر في حديثه الخاص أنه بدأ مسيرته الثورية في العام 2011 عند إنطلاق ماعرف بثورة الشباب ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ، حينها كان عمره 10 سنوات تقريباً ، وكان يشارك مع أصدقاءه وأخوته في الفعاليات السلمية التي كانت تنظمها الحركة الثورية الجنوبية في ذلك الوقت ، للمطالبة بالإستقلال وإستعادة دولة الجنوب السابقة .

وأضاف بأنه يتذكر ذلك اليوم الذي كان مع أخرين يخرجون في شوارع كريتر يقطعون الطرقات بالحجارة لتنفيذ عصيان مدني كان يدعو له الحراك الجنوبي كل إثنين وأربعاء من كل أسبوع ، لافتاً أنه يتذكر جيداً ذلك الجندي الذي قال بأنه يدعى "معين" أحد أفراد قوات الأمن المركزي وقتها ، عندما كان يصوب سلاحه صوبه ويقدحه بألفاظ نابية .

أصيب مرتين ولم يحمل سوى الحجارة

وأوضح صابر أنه لم يكن يحمل بيده سوى بضع حجارة ، وجزء من مغلف صغير يغطي به أنفه بسبب الغازات المسيلة للدموع التي كان يطلقها الأمن ، مشيراً بأنه أصيب في قدمه في تظاهرة إحتجاجية أخرى نظمت بجانب البنك الأهلي بكريتر ، كما أصيب أيضاً في وقفة إحتجاجية نظمت ما بين عامين 2013 و 2014 ، لكنه لا يتذكر التاريخ بالتحديد .

وذهبنا مع صابر الى ذات الموقع الذي تم التقاط ذلك الفيديو له في العام 2014 ، وكان يشير بيديه الى الموقع وهو يقول "هنا كنا نضع الحجارة ونحاول قذف كل من يحاول الى كسر العصيان المدني من قوات الأمن المركزي التابعة لنظام صنعاء" .

وأكد صابر أن ذكريات ذلك اليوم لازالت عالقة في ذهنه ، لكنه لا يتذكر تفاصيلها بشكل دقيق ، إلا أنه قال بأن ابرز ما يتذكره ولا يمكن أن ينساه ذلك الجندي المدعو "معين" أصلع الرأس الذي قال بأنه لو قابله مرة أخرى لن يفلت من يديه هذه المرة ، حد قوله .

مشهد تقشعر له الأبدان

وتواصلنا كذلك مع مصور ذلك الفيديو الشهير في عدن ، وهو المصور غسان القعيطي أحد أهم المصورين والموثقين لفعاليات وإحتجاجات الجنوبيين منذ إنطلاق الحراك الجنوبي في العام 2007 ، والذي بدوره عبر عن إندهاشه ورغبته للتعرف على ذلك الطفل الذي إلتقطته عدسته في 2014 ، ولم يكن يعلم به.

يقول المصور غسان : "كان موقف مفاجئ من طفل في تلك الأيام عندما كنا نواجه قوات الأمن المركزي التابعة لنظام صنعاء التي كانت تحاول كسر العصيان المدني ، وعندما كنا وبعض الشباب نهرب الى الأزقة المحيطة بالقرب من منطقة الميدان بكريتر ، شاهدت طفل في تلك اللحظة يقوم بمواجهة الجنود في مشهد تقشعر له الأبدان ، فقمت بسرعة بفتح كاميرتي وتصوير ذلك الطفل الذي هو الان الشاب صابر".

وأكد : "فعلاً مشهد شجاع وتقشعر له الأبدان من قبل طفل يفتح ذراعيه وأحد الجنود يوجه سلاحه نحوه ، وهو يرميهم بحجارة ، طفل في هذا العمر يواجه قوة عسكرية كانت تستخدم القوة المفرطة تجاه المواطنين المحتجين ".

وأضاف: "وبعد نحو سنة سمعت بأن ذلك الطفل صابر اصيب بطلق ناري في إحدى الوقفات الإحتجاجية" ، وبهذا الشأن يوصف الشاب صابر ما حدث له بالتفصيل ، إذ قال : "انه كان في وقفة إحتجاجية مع أخرين أمام كلية الطب بمديرية خورمكسر لكن دوريات أمنية فاجئتهم وأطلقت عليهم الرصاص وقنابل الغاز ، وقد أصبت بقدمي وتم إسعافي الى مخيم طبي كان متواجد في ساحة العروض حينها ومن ثم نقلت الى أطباء بلا حدود ولمدة خمسة أيام للعلاج".

سنضحي بأنفسنا لإستعادة دولتنا وقائدنا الزبيدي

وفي ختام حديثه ، تمنى الشاب صابر أن يتحرر الجنوب ويتم استعادة الدولة الجنوبية ، وقال : "مستعدون نضحي بأرواحنا من أجل أن يتحقق ذلك ، وسنقف دوماً خلف القائد عيدروس الزبيدي ومجلسنا الإنتقالي لنيل تلك الحقوق والمطالب التي إن شاء الله ستتحقق قريباً".

وتوسعت في عدن منذ العام 2011 رقعة الإحتجاجات الجنوبية السلمية في جميع مديريات ومناطق المدينة ، فضلاً عن العصيان المدني والتظاهرات اليومية ، وعادة ما كانت تواجه تلك الإحتجاجات بقمع وإستخدام القوة المفرطة تجاهها راح ضحيتها الالاف من القتلى والجرحى والمعتقلين ، إلا أن اعنفها وأكثرها ضراوة كانت تشهدها ساحة العروض وشارع مدرم وشوارع كريتر والمنصورة .