آخر تحديث :السبت - 30 نوفمبر 2024 - 12:37 ص

كتابات واقلام


الحزبية وآثارها السلبية على استقرار الأوطان وتنميتها

الأربعاء - 06 نوفمبر 2024 - الساعة 02:09 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




الحزبية ظاهرة سياسية ظهرت في المجتمعات لتوحيد الجهود وتحقيق الأهداف المشتركة، لكنها في واقع الأمر تتسبب في كثير من الأحيان بآثار سلبية كبيرة تهدد استقرار الدول وتقدمها. في حالات مثل اليمن، أصبحت الأحزاب أداة لتحقيق مصالح ضيقة، حيث تركز على أهدافها الخاصة على حساب مصالح الوطن ككل. فالمتحزبون عادةً ما يكون ولائهم للحزب وليس للوطن، مما يؤدي إلى تقسيم الولاءات وتفتت الهوية الوطنية، ويصبح انتماء الأفراد و رموزهم للحزب أقوى من انتمائهم للوطن.

لقد أثبتت التجارب في اليمن أن الحزبية لا تبني الأوطان، بل تساهم في تدميرها ونهب خيراتها لصالح من يواليها. فالعديد من الأحزاب تعمل على استنزاف موارد الدولة لخدمة أهدافها الشخصية، حيث تُوجه الموارد إلى دوائر الحزب وأعضائه بدلاً من توجيهها إلى مشاريع وطنية تخدم الجميع. وبهذا يتحول عمل المؤسسات إلى خدمة أجندات حزبية ضيقة، ويتم شغل المناصب بناءً على الولاء الحزبي بدلاً من الكفاءة، مما يؤدي إلى إقصاء الكفاءات وخلق بيئة تنافسية سلبية.

من أبرز الآثار السلبية للحزبية في اليمن اندلاع الحروب الأهلية المتكررة منذ الاستقلال الوطني إلى يومنا هذا هذه الحروب ألحقت دمارا واسعا بالبنية التحتية وأثرت بشكل كارثي على حياة المواطنين. فالتنافس الحزبي الحاد والصراع على السلطة بين الفصائل الحزبية المختلفة قاد إلى خلق انقسامات عميقة داخل المجتمع اليمني، حيث بدأت الأطراف الحزبية في تجنيد أتباعها و تحريضهم على القتال ضد الأحزاب الاخرى لخدمة مصالحها، دون اعتبار لمصلحة الوطن أو سلامة المواطنين. أدى هذا الوضع إلى قتل آلاف البشر و تدمير العديد من المرافق الحيوية، مثل المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، وتفاقم الأوضاع المعيشية للأفراد. وأصبحت البنية التحتية للبلد عرضة للتدهور المستمر، حيث لم تعد جهود البناء والإصلاح قادرة على مواكبة حجم الدمار الذي تخلفه الصراعات المتتالية. كما أن توجيه الموارد المالية والاقتصادية لدعم الأطراف المتصارعة بدلاً من التنمية وإعادة الإعمار أدى إلى تراجع الاقتصاد وتفاقم البطالة والفقر، مما أثر بشكل مباشر على جودة الحياة وأدى إلى انتشار الأزمات الإنسانية.

و من جانب اخر، نجد أن الدول التي نجحت في الابتعاد عن هذا النوع من الحزبية المزمنة تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي كبير. تعتمد هذه الدول على تعيين الأفراد بناءً على الجدارة والخبرة، ما يعزز من فعالية المؤسسات ويزيد من الإنتاجية. هذا الاستقرار يؤدي إلى تقدم حقيقي في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية، حيث يتم توجيه الجهود إلى تنمية هذه القطاعات بدلا من استنزاف الموارد في الصراعات الحزبية.

من هنا، قد يكون من الضروري التفكير في إلغاء الحزبية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، والسعي إلى تعيين الكفاءات والنخب القادرة على قيادة الدولة بعيدا عن الاستقطاب الحزبي. إن هذا التوجه سيسهم في تحقيق وحدة العمل الوطني، واستعادة روح المسؤولية نحو الوطن، وتوجيه الطاقات والموارد لخدمة الشعب وتحقيق طموحاته.