تقود ميليشيا الحوثي تصعيدًا عسكريًّا ضد قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، في الوقت الذي تحذر فيه من عملية عسكرية أمريكية على السواحل الغربية للبلاد، المطلة على البحر الأحمر.
ويشن الحوثيون منذ أسابيع، هجمات متفرقة في محافظات الحديدة وتعز والضالع وأبين، إضافة إلى تحركات وعمليات تحشيد عسكري في جبهات مديرتي ناطع ومسورة، شرقي محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرتهم، باتجاه مديرية بيحان، غربي محافظة شبوة النفطية، جنوبي البلاد.
ويرى خبراء عسكريون، أن تصعيد ميليشيا الحوثي محاولة لإرباك المشهد المحلي، في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لعودة تصدير النفط الخام، ضمن تدابير المسار الاقتصادي، الذي نصت عليه خريطة الطريق الأممية، الممهدة لانطلاق عملية سياسية جامعة في البلاد.
وتوقفت عملية تصدير النفط، إثر استهداف الحوثيين أواخر العام 2022، موانئ التصدير في محافظتي شبوة وحضرموت الواقعتين تحت سيطرة الحكومة اليمنية، مشترطين الحصول على حصة تصل إلى 65% من عائداته.
إخفاء الانقسام
ويقول المتحدث باسم القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي، العقيد، وضاح الدبيش، إن حالة من الرعب تدبّ في صفوف الحوثيين، في ظل تنامي الخلافات الداخلية، عقب تضاؤل حجم الثقة بطهران، وسط استمرار الضربات المتلاحقة ضد الأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا والعراق.
وذكر الدبيش، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الحوثيين لجؤوا إلى التصعيد العسكري ومحاولة إحداث اختراقات في مختلف الجبهات المتفرقة، وإلى إجراء مناورات في سواحل الحديدة، أملًا في لملمة الصف الداخلي المنقسم، وإخفاء حالة الضعف التي يمرون بها، من خلال تأكيد جهوزيتهم لأي مواجهة محتملة.
وشدد على أهمية استغلال مجلس القيادة الرئاسي في البلاد والقوات المسلحة للزخم الدولي ضد الحوثيين، والضعف والوهن والفراغ الذي يمرون به، لإطلاق معركة تحرير مناطق غرب البلاد من الميليشيا.
مناطق النفط
في المقابل، يرى الخبير العسكري، العميد ثابت حسين، أن توقيت تصعيد الحوثيين وتوجههم نحو المناطق النفطية، مرتبط بالضغوطات التي يمارسها المجتمع الدولي، على ضرورة استئناف تصدير النفط من محافظتي شبوة وحضرموت، في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والوصول إلى مرحلة العجز.
وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن المجتمع الدولي سيلجأ للضغط لتنفيذ خيار استئناف تصدير النفط، في حين أن الحوثيين يطالبون بالنصيب الأكبر من عائدات مبيعاته، ما قد يدفعهم إلى ممارسة ضغط ميداني تجاه المناطق النفطية.
وأشار إلى محاولات الحوثيين المتكررة منذ سيطرتهم على صنعاء في العام 2015، للاستيلاء على مناطق جنوبية، بهدف السيطرة على منابع النفط في شبوة أوَّلًا، ثم حضرموت.
وأضاف "حسين" أن المحاولات الحوثية "حتى وإن كان الفشل مصيرها كسابقاتها، فإنه لا ينبغي التقليل من خطورتها، ولا بدَّ من وجود استعداد كبير لمواجهتها والتصدي لها بشكل حاسم، سواء كانت باتجاه شبوة أو أي اتجاه آخر كما هي الحال الجاري في المناطق الحدودية"، في إشارة إلى مناطق التماس بين المناطق الجنوبية المحررة من الحوثيين، والمناطق الشمالية الواقعة تحت قبضتهم.
عزلة قسرية
ويعتقد المحلل السياسي، خالد سلمان، أن الفرصة سانحة حاليًّا للبدء بتحرير الحديدة، باعتبارها "نقطة إجماع إقليمي ودولي، لنزع هذه المحافظة الإستراتيجية من يد الجماعة الحوثية".
وقال سلمان، في تدوينة على منصة "إكس"، إن الحوثيين يعيشون في الوقت الحالي عزلة قسرية، أغلقت معها كل النوافذ السياسية "ومرجعيتهم الأم في حالة ضعف، كما أن شريان الإمداد لم يعد متاحًا بعد ضرب مصانع صواريخ إيران، وتشديد طوق الحصار على منافذ التهريب إلى اليمن".
وذكر أن معركة الحديدة، تتطلب توحيد الأداء العسكري، مع المحافظة على مسافة آمنة بين المشاريع المتباينة للحكومة الشرعية، والالتقاء على أرضية موحدة عنوانها الرئيس، الخلاص من الحوثي، والتسليم بحقوق الجنوب العادلة، وباتفاقات مسبقة وضامنة.