الحديث عن اللواء صالح السيد هو استذكار لمسيرة قائد عسكري استثنائي ترك بصماته الخالدة في الجنوب عامة ولحج خاصة. كان الفقيد صالح السيد نموذجًا للقائد الفذ الذي نذر حياته لخدمة وطنه ومحاربة أعدائه، حتى أصبح اسمه مقرونًا بالأمن والاستقرار في كل مكان عمل فيه.
تقلد الفقيد منصب مدير أمن لحج في أصعب الفترات التي مرت بها المحافظة، واستطاع بحنكته وقيادته الحكيمة أن يطهرها من العناصر الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة. لم يكن ذلك إنجازًا عاديًا، بل كان تتويجًا لجهود عظيمة وتضحيات كبيرة، حيث قاد العمليات بنفسه وكان في مقدمة الصفوف، مخاطراً بحياته لأجل أمن المواطنين.
نجح اللواء السيد في تثبيت دعائم الأمن في لحج، واستطاع أن يعيد للمحافظة استقرارها الذي كانت بأمس الحاجة إليه. لقد كان الرجل الأول في محاربة الإرهاب والجريمة، ما جعله هدفًا للعناصر الإرهابية التي حاولت النيل منه أكثر من مرة، لكنه نجا من محاولاتهم بأعجوبة، وكأنه كان محميًا بدعوات كل من أحبه واحترمه.
إلى جانب شجاعته وإدارته العسكرية الرائعة، كان الفقيد يتمتع بتواضع قل نظيره بين القادة. أحبه القريب والبعيد، وكان يحظى باحترام الجميع من المدنيين والعسكريين. لم يكن متعالياً رغم مكانته، بل كان قريبًا من الناس، يسمع لهم ويتواجد بينهم.
لم يكن صالح السيد قائدًا عسكريًا فحسب، بل كان رمزًا من رموز الجنوب وأحد أعمدتها. شغل منصب أركان القوات البرية الجنوبية بعد مسيرة طويلة في خدمة الوطن، ولم يتوقف عن العمل حتى لحظاته الأخيرة. وافته المنية وهو يعمل داخل ورشة في اللواء الخامس بالرباط، تاركًا خلفه إرثًا من الإنجازات التي ستظل شاهدة على إخلاصه وتفانيه.
ودع الجنوب أحد أعظم رجاله، رجلًا لم يعرف الراحة في حياته واختار أن يكون دائم العطاء حتى النهاية. رحم الله اللواء صالح السيد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. ستبقى ذكراك خالدة يا "عم صالح"، وستظل نموذجًا يحتذى به في القيادة والتواضع والإخلاص.