آخر تحديث :الجمعة - 25 أبريل 2025 - 11:33 ص

كتابات


الرجل الذي انتصر للوفاء في زمن الخذلان

الثلاثاء - 15 أبريل 2025 - 07:07 م بتوقيت عدن

الرجل الذي انتصر للوفاء في زمن الخذلان

وضاح قحطان الحريري

"الشيخ سيف سعيد الضالعي... الرجل الذي انتصر للوفاء في زمن الخذلان"



في زمن عزّ فيه الوفاء، وقلّ فيه الرجال الذين يعملون بصمت دون انتظار مقابل أو شهرة، يسطع نجم رجل استثنائي، أفنى عمره في خدمة قضية عادلة وإنسانية نبيلة، ألا وهي قضية الشهداء والجرحى. إنه الشيخ الأستاذ/ سيف سعيد الضالعي، مدير مكتب الشهداء والجرحى بمحافظة الضالع، الرجل الذي لم يكن مجرد موظف يؤدي عمله، بل كان صوتاً للضحايا وضميراً حياً للوطن الجنوبي، يسير بثبات على درب النضال والعطاء.


يجتهد للمتابعه لأسرة شهداء ومناضلين ثورة 14 أكتوبر المجيدة، مروراً بصيف 1994، وحتى حرب الدفاع عن الكرامة في 2015، لم يكن الشيخ سيف الضالعي غائباً عن مشهد التضحية والعطاء، بل كان في صلبه، حاضراً في تفاصيله، مدافعاً عن حقوق الشهداء والجرحى وأسرهم، ومتابعاً لملفاتهم بكل تفانٍ وإخلاص.


الالاف من أسرة شهيد وجريح تم ترقيمها بجهوده الحثيثة، دون كلل أو ملل، ودون أن ينتظر شكراً من أحد. سعى لتسوية أوضاعهم، ورافق معاملاتهم، وضغط على الجهات المعنية، وناضل من أجل أن ينال هؤلاء الأبطال وأسرهم أبسط حقوقهم من العلاج والتأهيل والمعاشات وحتى فرص الحج السنوية.


ولعل المؤلم في هذا السياق، هو الصمت الرهيب الذي يلف مواقف بعض الجهات الرسمية والقيادات السياسية، خصوصاً أولئك الذين لطالما رفعوا شعارات الوفاء للشهداء، ولكنهم سرعان ما تراجعوا عند أول اختبار. إذ لم نرَ من بعض القيادات في المجلس الانتقالي موقفاً عملياً يوازي التضحيات التي قدمتها الضالع، بل اقتصر الدعم على مرتبات هزيلة لا تتجاوز الألف ريال سعودي شهرياً – تُصرف أحياناً وتتأخر أحياناً كثيرة – في وقت تعيش فيه أسر الشهداء أوضاعاً معيشية قاسية.


في مقابل ذلك، ظلّ سيف سعيد الضالعي وفياً للأمانة التي يحملها، يطرق الأبواب، ويوصل الرسائل، ويخاطب الضمائر الحية، متحركاً بين المكاتب، متابعاً أوضاع الجرحى في الداخل والخارج، لا تستهويه الأضواء، ولا يلهث خلف منصب أو مال. هو نموذج نادر في زمن المصالح والمساومات.


نداؤه الدائم للقيادات أن يتوحدوا لأجل قضية الشهداء، وأن يضعوا حقوقهم في سلم الأولويات، لا يزال يتردد، لكن للأسف – كما يقول البعض – لا حياة لمن تنادي.


أي كلام يُقال في حق هذا الرجل النبيل لن يفيه قدره، لأنه ببساطة اختار أن يكون في صف الناس، في صف من قدموا دماءهم لأجل أن نعيش. لذلك أقولها بصدق:

إن الشيخ سيف الضالعي ليس مجرد مسؤول، بل هو مدرسة في الإخلاص، ورمز من رموز الوفاء الوطني، وضمير حيّ في زمن ماتت فيه كثير من الضمائر.


ختاماً، لعل هذا المقال لا يضيف إلى سيرته شيئاً، بقدر ما هو شهادة حق نقولها وفاءً لمن يستحق، ولعله يكون دعوة صادقة لإعادة الاعتبار لملف الشهداء والجرحى، ولمن يحملونه على أكتافهم كرسالة، لا كوظيفة.