آخر تحديث :الأحد - 30 يونيو 2024 - 11:57 م

اخبار عدن


طبيب يروي : وصية الشهيدة "رهام" لإحياء 11 فبراير واللحظات الأخيرة لاستشهادها

الأحد - 11 فبراير 2018 - 03:08 م بتوقيت عدن

طبيب يروي : وصية الشهيدة "رهام" لإحياء 11 فبراير واللحظات الأخيرة لاستشهادها
إخر صورة للناشطة رهام وقبيل لحظات من استشهادها

كتب / أحمد الدميني

كانت هذه آخر صورة للشهيدة رهام ونحن في قصر صالة بينما كنا نحمل المساعدات الغذائيه للمنطقة ؛
كانت القافلة تكريما ووفاءا لروح الشهيد اسامه سلام احد اعضاء فريق " شباب وشابات تعز " والذي استشهد قبل ايام بالجبهة الشرقيه هو يغطي المعارك هناك ....
كانت رهام ممن جهزوا القافلة واختارت بنفسها الخميس كموعد لانطلاق القافلة الانسانية .....
نظراتها بهذه الصورة كانت كسهام وهي غاضبة منا ومستاءة للغاية لأننا لم نوافقها على الدخول لأبعد واعترضنا على التقدم أكثر نحو الكريفات ..
قالت لنا : ليش تخافوا وليش طيب جئنا هنا ؟!
شوفوا كيف يدخلوا ويخرجوا ومافيبهم حاجة !!
و فعلا كان هناك لازال أناس يدخلوا لتلك المنطقه الى منازلهم رغم استهدافهم من الجعشة وتبة المقرمي ؛
كان هناك ضرب كثيف ولم نتوقع أن هذه المنطقه تصلها نيران مليشيا الحوثي القذرة ..
كان اتفاقنا أن نترك الماء والتمر والكعك وبقية القافله هناك وتأخذها الأطقم وتدخلها الى أبعر والكريفات وعلى هذا الأساس وخاصة مع اشتداد الضرب الى مكان تجمعنا قررنا أن نغادر المكان فورا ؛
غادر الشباب بالسيارات وانا ركبت السيارة و سألت داليا : وين رهام يا داليا ؟!
قالت لي أن رهام ذهبت مع احمد علي صلاح بصحبة احمد الصامت ومؤمن سعيد وأنها أصرت على المضي معهم ؛ ..
غضبت حينما عرفت ذلك و صيحت ليش ما قالوا لي وليش راحوا ونحن اتفقنا ما ندخل هناك وكيف يمشوا بدون ما يبلغونا ...
( من يعرف شخصية رهام العنيدة التي إذا قررت شيء أو يدور برأسها أمر ما يستحيل أن تتراجع عنه ومن الصعب أن تقنعها أبدا بل أنها هي من ستقنعك وستغير رأيك و بالمنطق .. )
لهذا انا تفهمت ما قالته لي داليا وأنها لم تستطع منعها ..
حاولت اتصل بهم ولم يردوا بسبب التغطيه ..
قلت حينها لداليا سنبقى هنا ولن نغادر حتى يعودوا من هناك وحتى داليا ورغم أن ذلك المكان قرب قصر صاله مستهدف للقنص و الهاونات إلا انها لم تبارح المكان وانتظرت معي وكانت الساعه حينها تقريبا 11:45 ظهرا ..
بين دقيقة واخرى كان ماهر يتصل ويتصل ويسأل عن رهام ويطلب منا مغادرة المكان لخوفه علينا
أخبرته أني لن اتحرك ولن أتزحزح من تلك البقعه الا بعد أن اطمئن على رهام والبقية ...
كنا نسمع المنطقه تهتز من كثافة الضرب والقصف ولم أشعر بهذا الشعور من قبل ونحن وسط معركة ونرى النيران بكل الاتجاهات ..
ما جعل رهام تصر على الدخول لتلك المناطق هو علمها بأن هناك لازال سكان ومدنيين محاصرين ومعرضين للقنص وكانت يبدو حريصه على معرفة ما يعاني الناس هناك ..
مضت ساعة ونحن ننتظر وننتظر وننتظر وتوقف الضرب دقائق وقت صلاة الظهر ثم عاد الضرب بشده
اتصلت بأحمد علي صلاح وجاوب و قال لي بأنهم تعرضوا للضرب والقنص المباشر واخترقت الطقم طلقة مضاد طيران وهم عائدين وكان مرصود لديهم و نزلت رهام لتمشي على الاقدام هي وأحمد الصامت ومؤمن و الطقم تحرك بسرعه للتمويه عليهم ليتمكنوا من السير بانخفاض .
وصل احمد علي صلاح بالطقم الى قصر صاله و انا هناك انتظر وقفزت اليه واخبرني أنهم استهدفوهم وكان على الطقم آثار الطلقات ..
لم يكن احمد يعلم أن رهام استشهدت هي ومؤمن ..
بنفس الوقت اتصل بي ماهر وهو يصيح بأن رهام استشهدت وأن احمد الصامت الذي كان برفقتها اتصل به وأبلغه بذلك ...
انا حينها احسست بشلل تام وصحت بأعلى صوتي يا احمد وين رهاااام يقولوا قنصوها
احمد لم يصدق وقال مستحيل تستهدف لأنها كانت تمشي بانخفاض ....
ما هي الا ثواني وجاء طقم مسرع سرعه جنونيه فتيقنت أنه يحمل رهام واقتربت منه وانا ارى رهام ملقاة وسط الطقم وهي شاحبه من النزيف وعيناها تدلان انها قد فارقت الحياة ..
بعدها علمنا انهم بعد ما مشوا كان القناص اللعين يراقبهم وأطلق عدة طلقات من سلاح مضاد طيران عليهم واستهدفهم بشكل مباشر رغم أنه لم يكن معهم مسلحين
و تمكن من اصابة مؤمن سعيد برأسه وتوفي على الفور و أصاب رهام بالبطن اصابة بالغة وخطيرة لم تنجو منها .....
لم اكن اتصور بيوم ولا حتى بالخيال أنني سأرى رهام بتلك الصورة ...
مؤمن أيضا ذلك الشاب المقدام الشجاع و النبيل الذي لازم رهام لآخر رمق ولم يمضي ويتركها بل واجه معها الموت بكل بساله ....
لم استوعب حتى الان ذلك الموقف وتلك الصور المفزعه ونحن نتداول ان رهام ومؤمن استشهدا ..
كم اتمنى ان الزمن توقف ولم تتسارع تلك اللحظات وأرى تلك الحادثة المفجعه والتي لن انساها ما حييت ...
كانت وصيتها ونحن نجهز الطعام ألا ننسى منطقة الزنوج لأن تلك المنطقه منسية ويجب أن نبقي جزء من القافله للزنوج ..
كانت ايضا وصيتها قبل استشهادها بيوم أن يكون 11 فبراير ليس مجرد احتفال أو فعالية بل غضب متواصل لأجل تحرير تعز وأن نستخدم كل الوسائل للضغط نحو التحرير ...
كانت رحمها الله تحمل روحها مبادئ وقيم لم تتغير منذ ان عرفتها من 2011
كانت مثقلة بهموم المدينة ولا تفكر بنفسها بل تسخر كل وقتها وجهودها لرصد الجرائم أو مساعدة الآخرين .....
كانت سباقه بكل المبادرات وتزرع البسمه بوجوه من حولها ..... بل كانت تختزل كل معاني الانسانية ..
اقولها وبكل ثقة خسرنا انسانة و امرأة لن تتعوض أبدا ..

الى جنة الخلد ...