آخر تحديث :الثلاثاء - 26 نوفمبر 2024 - 01:17 م

كتابات واقلام


اللي أختشوا ماتوا !!

الأربعاء - 16 مارس 2022 - الساعة 11:45 م

محمد علي محسن
بقلم: محمد علي محسن - ارشيف الكاتب


مرتب مدير عام أو عقيد في الجيش أو الأمن إلى قبل الحرب وبعدها ناهز ال ٤٠٠ دولار ، بينما الحد الأدنى للأجور لا يقل عن ١٠٠ دولار ، الان وبعد ثلاثة عقود زمنية في الوظيفة بات مرتب هؤلاء أقل من ١٠٠ دولار .

عسكري متقاعد يتقاضى الآن ٢٨ الف ريال - علاوة الغلاء المقررة من الحكومة وقدرها ٣٠٪ لم تضاف لمعاشه مطلقا - ما يعني أنه أقل من قيمة كيس دقيق ، تخيلوا رجل قضى أربعين عامًا في الخدمة والان لا يستطيع بمرتبه تأمين حاجاته الأساسية ، كالماء والغذاء والغاز .

دبة زيت الطبخ ٢٠ لتر ب٥٠ ألف ريال ، الكيس الرز تعدى ال ٦٠ الف ، كيلو السمك بات للفرجة أو كلحمة العيد ، فلم يعد رب الأسر قادر على دفع عشرة الف ريال نظير حبة دجاج أو كيلو سمك .
حبة البندول صارت بألف ريال ، خزان الماء سعة ٣٠٠٠ لتر بعشرة آلاف ريال ، تعرفة النقل زادت الف بالمئة ، صفيحة البنزين قيمتها الآن أكثر من معاش عسكري متقاعد .

قبل أيام دفعت وزارة الشؤون الإجتماعية إعانة الأسر الفقيرة المقدرة كل ثلاثة أشهر ب ٣٨ الف ريال ، ما يعني أنها أدنى من قيمة كيس قمح ، فهل هنالك ثمة من يستحي ويخجل من إهانة الفقراء والمحتاجين وعلى الشاكلة المشاهدة ؟!.

الحكومة ووزراتي المالية والخدمة والتأمينات لا ادري أين يعيش مسؤوليها ؟ البلد يعيش نكبة منذ ثمانية أعوام ، وهذه النكبة تسببت بحالة إنسانية غير معهودة ، ومع حجم المأساة لم نلمس إجراءات جدية موازية من السلطة الشرعية أو غير شرعية .

شخصيًا صار الماء سلعة مستوردة من الخارج ، فلا فرق بين ماء يصلني ب ٧٥ الف ريال شهريًا نظير عشرة الف لتر ، وبين غذاء أو دواء يأتي بالعملة الأجنبية ولا استطيع شرائه وفق معايير الجودة والسوق.

اصدقاء تعرضوا لحوادث سير أو جلطات قلبية أو دماغية ، ولكم تصور كيف أن المستشفيات الحكومية لم تستطع استقبالهم ، فكان نقلهم إلى مستشفيات خاصة ، أتدرون كم فاتورة علاجهم ؟ ما بين ٨ - ١٠ الف دولار ، ولبضعة أيام ، البعض منهم توفاهم الله ومازال ذويهم يدفعون أو يشحتون لا فرق .

الخلاصة ، لدينا سلاطين لا يستحون ، فماء الحياء نضب من وجوههم ، لدينا رئيس بلا حياء ، ولدينا رئيس حكومة لا يخجل ، ولدينا سلطان أمر واقع اسمه ' انتقالي' ، ولدينا أكبر كهنوت في صنعاء، والأثنان أسوأ وأقبح من رئاسة وحكومة .

لا أحد من هؤلاء يكترث بمعاناة ملايين اليمنيين الذين يسحقهم الغلاء ، ويفتك بهم الفقر ، ويقض مضاجعهم غياب الدولة ومؤسساتها وخدماتها ، وتحصدهم الحرب منذ ثمانية أعوام ، وبلا رأفة أو توقف .
نعم ، لا أحد منهم سيستقيل من منصبة كبرهان أخلاقي حيال المأساة ، سيبقون في أماكنهم ، وسينافحون عنها بشراسة ونهم ، وسيعظُّون عنها بنواجذهم .

لن يجرأون القول بكون السبب الرئيس لغياب أي قرار حكومي يعالج مسألة البون الشاسع بين المرتبات الضئيلة وبين اسعار المواد والسلع ؛ مرده أنهم يتقاضون معاشهم بالريال السعودي ، فلو أنهم يستلمون مرتباتهم بالعملة الوطنية لربما أدركوا واحسوا المعاناة التي نعيشها ..
وطالما السباق والتهافت على الإرتهان والإرتزاق فأجزم أن معاناتنا ستبقى ، بل وستزيد في قابل الوقت ، فلا أحد من قادة المرحلة يمكنه التأثر بانهيار العملة الوطنية .
فماذا تعني لهم الأزمة الاقتصادية في اليمن إذا كان لا يعيشونها ، ولا يلمسونها ، بل وأكثر من ذلك ، إذ أنهم لا يبالون بغير ذاتهم ولا سواها .

في اليمن يهرق الدم ، ويهلك من يفترض أن يعيش كي يعيش من لا يستحق أن يعيش ، وفي اليمن معركة لا أحد من القادة الفاسدين يريد انتهائها .

قيل إن الثورات تكون حين لا يستطيع الحُكم السيطرة ، وعندما لا يستطيع الشعب العيش ، ولكن في هذه البلاد لا الحُكم سيطر أو الشعب عاش حياته بسلام وأمان واستقرار ..

محمد علي محسن