آخر تحديث :الجمعة - 27 ديسمبر 2024 - 06:06 م

كتابات واقلام


محاصرة الأقلام

الثلاثاء - 12 ديسمبر 2023 - الساعة 11:51 م

ماجد الطاهري
بقلم: ماجد الطاهري - ارشيف الكاتب


لاشكّ قد ينتابك ببعض الإستغراب عزيزي القارئ بمجرد قراءة العنوان(محاصرة الأقلام) ثم تتساءل بينك وبين نفسك لقد علمت أنّ مفهوم الحصار يتمحور حول محاصرة الجيوش للمدن والقلاع خلال الحروب منذ الزمن الغابر وحتى اليوم، وهناك حصار إقتصادي يمارس بحق شعب ما، اضف إليه الحصار السياسي والإجتماعي..لكن كيف يتم محاصرة الأقلام والأفكار والأراء في جيل القرن الحادي والعشرين وقد أصبحت الأنظمة السائدة أكثر انفتاحا،كما مكّنت الوسائل والإمكانيات الحديثة والتقدم التكنولوجي مشقة إيصال ما يطرح من حوارات أو كتابات وأفكار بكل سهولة ويُسر؟

وللإجابة عن هذا التساؤل المحير يتوجب على القارئ أن يكون منصفا في نفسه،مثقفا بما يكفي لإدراك ما يدور من حوله،محصّن عقليا من فيروس الإستغفال والإستغلال،لا ينقاد نحو التعصب الأعمى لرأي الأكثرية تحت قاعدة المثل الشعبي "بين اخوتك مخطي ولا وحدك مصيب" يمكنه بعد ذلك أن يميز بين الحقائق حتى وان كان قائلها غريب مقارنة بالحشد الكمي للأقلام الموجهة التي تخالفه الرأي وقد ربما تناصبه العدى وتثير حوله الشكوك..

حقيقة ومع الأسف الشديد نحن في عصر تطورت فيه اساليب الحصار لتنال من أفكارنا كـ مثقفون وكُتّاب واعلاميين وحتى المتحررين من الأمية ومرجع ذلك سيطرة نخب المال والسياسة العالمية على القرار ومن ثمّ فرض بروتوكولات معينة ومدروسة تمكنها من البقاء و الديمومة لأطول فترة ممكنة تتحكم بمصير الشعوب، ولما كان ذلك غير ممكن بسبب الفضاء الاعلامي الحر إضافة إليها امكانية الحصول على ما يطرح من رؤى وافكار لكبار الكتاب والنقاد والاكاديميين والمثقفين الذي اضحت مجلدات كتبهم في متناول اليد عبر تطبيق الكتروني Pdf يختصر فيه عناء الكلفة والسفر للبحث عنها بين جدران المكتبات، كما ان مقالاتهم في الصحف والمجلات لم تعد تًشترى من الأكشاك بل بالمستطاع متابعتها على حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الإجتماعي...

وبالعودة الى ما سبق لما كان كل ذلك متاحا أدرك نظام التفاهة المستبد خطورة الموقف الذي يهدد سيادته، لذا سخر إمكانياته الهائلة سعيا لشراء الأقلام ليوجهها كيف ما شاء ومتى أراد،وليقود حربا شعوى على كل قلم متمرد ولم يرضخ للمغريات أو يذعن بالخوف طاعةً.

وبذا حوصرت اقلام التنوير وتم تجاهل طرحها وتم تهميشها وتغييبها ومنعها من النشر على نطاق أوسع، حتى في إطار زاوية النشر الضيقة المسموح بها جُيٍّشت ضدها جموع من عصابات الأقلام الموجهة مدفوعة الاجر،ومعهم الجهلة و المتعصبين وكذا البسطاء من الناس والأميين الثانويين الذين ينقادون لرأي الكثرة وجميعهم يوجهون سهام النقد ويظهرون الشك والتحقير والتخوين لكل صاحب كلمة صادقة أو مقال رأي ناقد كان أو ناصح مخالف لمسار مخططاتهم.