آخر تحديث :الجمعة - 27 ديسمبر 2024 - 08:30 ص

كتابات واقلام


القضاء بين حماية حقوقه وتجاهل حقوق الآخرين

الخميس - 26 ديسمبر 2024 - الساعة 03:12 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




في المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية، يُلاحَظ اهتمام كبير من قبل السلطة القضائية بحماية حقوق ورواتب منتسبيها، حيث يُستَمات في الدفاع عنها وتُصَرَف الرواتب بانتظام دون تأخير يُذكَر. هذه الجهود تُظهِر قوة النظام القضائي وقدرته على تحقيق مصالحه، إلا أنها تثير تساؤلات جوهرية حول دور القضاء في الدفاع عن حقوق الموظفين في المؤسسات الأخرى والمواطنين عموما.
القضاء، بوصفه مؤسسة تُعتبر ملاذا للمظلومين وحاميا للحقوق، يتحمل مسؤولية تتجاوز حدود أعضائه ومنتسبيه. فمن واجبه الدفاع عن كافة الحقوق، سواء تعلقت بالمواطن العادي أو موظفي القطاعات الأخرى. ومع ذلك، يبدو أن هناك غيابا واضحا لهذه المسؤولية في كثير من الحالات، حيث تُتجاهل القضايا المتعلقة برواتب وحقوق الموظفين في قطاعات أخرى تُعاني من الإهمال والتأخير في صرف مستحقاتهم.
هذا التناقض يُضعف الثقة في المؤسسة القضائية، التي يجب أن تكون نموذجا في الإنصاف والعدالة. إذا كانت المؤسسة القضائية تمتلك القدرة على حماية حقوق أعضائها، فلماذا لا تُسخِّر هذه الإمكانيات للدفاع عن حقوق الآخرين؟ أليس من واجبها الأخلاقي والقانوني الوقوف بجانب المظلومين والمطالبة بتحقيق العدالة الشاملة؟

إن التجاهل المستمر لحقوق الموظفين في القطاعات الأخرى يُساهم في تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. فالعدالة ليست انتقائية، ولا يجب أن تكون منحازة لفئة دون أخرى. القضاء هو العمود الفقري لأي دولة، وغياب دوره الحقيقي في الدفاع عن مصالح الشعب يُفقده مكانته ويُضعف الثقة في النظام ككل.

على القضاء أن يُراجع أولوياته، وأن يتبنى نهجا أكثر شمولية في الدفاع عن الحقوق، بحيث لا تقتصر جهوده على حماية مصالح أعضائه فقط، بل تمتد لتشمل جميع المواطنين والموظفين. فهذا هو الدور الحقيقي للقضاء في بناء دولة القانون والمؤسسات، وهو السبيل الوحيد لتعزيز الثقة في النظام وتحقيق العدالة للجميع.