آخر تحديث :السبت - 05 أكتوبر 2024 - 01:41 م

كتابات واقلام


كفانا تحيزاً وانتقائية في التضامن

السبت - 06 يوليه 2024 - الساعة 11:44 م

علاء العبدلي
بقلم: علاء العبدلي - ارشيف الكاتب


في خضم زحمة الأحداث السياسية والاجتماعية وتزايد تعقيدات الجرائم التي تُرتكب من قبل بعض القيادات، تبدو الأفعال التي تقع في ساحة الاتهامات قد تجاوزت كل الحدود المعقولة لتصل إلى مرحلة الإدانة الواضحة والجلية. وعلى الرغم من هذه الوضوح، يصحبها صمت مريب ومستمر تجاه محاسبة أولئك المسؤولين عن تلك التجاوزات، وهو صمت يُثير الشكوك ويُعلِّم الاستفهامات حيال الأهداف الحقيقية وراءه. بل إنّ الأصوات التي تجرؤ على انتقاد هذه الأخطاء المستمرة تجد نفسها هدفاً لحملات ممنهجة ومسيّسة، تتعاطى بانتقائية مقيتة لم تُعهد من قبل على هذه الساحة.

إننا نواجه اليوم واقعاً يتبنى استهداف الأفراد الذين يرفعون أصواتهم بالحقيقة، في حين يُتيح المجال لآخرين للاستمرار دون مُسائلة، رغم وضوح التجاوزات التي يرتكبونها. هذا الواقع لا يثير الاستغراب وحسب، بل يفتح أبواب الشكوك واسعة حول الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذا التضامن الانتقائي.

وتتجلى أوجه هذه الانتقائية في دعم شخصيات مثل عشال، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل آخرين مثل بن لغبر، الذي قُتل بطريقة وحشية على يد عصابة الشاجري. لقد دافع بن لغبر بشجاعة عن أرضه في الممدارة ليلقى حتفه إثر هجوم بربري ورميه من فوق الطقم. هذا الفعل الشنيع يستوجب رداً قوياً وصوتاً يملأ الفضاء بالاستنكار، إلا أن ما نشهده هو الصمت المدوي واللامبالاة.

ما الذي يجعل الشخصية مثل عشال تحظى بتضامنٍ غير مبرر بينما يُترك آخرون لمصيرهم من دون أي رد فعل يُذكر؟ هل هو لأنَّ عشال قد يُمثل صندوقًا أسودًا يحمل أسرارًا يخشى الكثيرون الكشف عنها؟ إن هذا التضامن الانتقائي لم يعد مفهومًا ويبعث على الريبة ويطرح تساؤلات حول النزاهة والمصداقية في تناول القضايا المختلفة.

يا أصحاب الضمائر الحية، لقد حان الوقت لأن تسلطوا الضوء على الحقيقة الكاملة دون انتقاء، فالعدالة لا تتحقق بنصف الحقيقة ولا برؤية جزء من الصورة. إنه واجبنا جميعاً أن نكشف للشعب الصورة الكاملة، وأن نقدم لهم الحقيقة بكل أبعادها، بعيدًا عن أي تزييف أو تجميل للواقع. كفانا تحيزًا وانتقائية في التضامن. يجب أن تكون العدالة والمصداقية الأساس الذي نبني عليه مستقبلنا، فنحن كشعب لنا الحق في معرفة الحقيقة الكاملة، سواء كانت حول عشال أو أي شخصية أخرى تؤثر في المشهد العام.

الشعب يستحق أن يعرف ويثق في الجهات التي تدير حياته وتؤثر في مستقبله، ولذا نطالب بكشف كامل وشفاف لكل الحقائق، دون لف أو دوران. دعونا نصنع مستقبلاً يعتمد على الحقائق الكاملة وعلى أساس من العدالة والمصداقية، لا على الظنون والتجزئة في نقل الصورة. إنه نداء من أجل بناء مجتمع قوي، يتحد على قيم الحق ويقف جميع أفراده على أرضية عادلة ومستوية.