آخر تحديث :الخميس - 26 ديسمبر 2024 - 01:16 م

كتابات واقلام


فائض القوة وفائض القيمة و فائض الوهم الحوثي

السبت - 13 يوليه 2024 - الساعة 10:11 م

د.علي محمد جارالله
بقلم: د.علي محمد جارالله - ارشيف الكاتب


يتبلور فائض القوة عند أي دولة عندما تحس ان لها قوة عسكرية، و لديها إقتصاد قوي، فهنا يبدأ التفكير عندما ترى ان لها جارة لا يوجد لديها جيش قوي، اي لا فائض قوة، و هذا ما يحدث للدول الكبرى للهيمنة الكونية، فتوازن الرعب النووي تم اثناء الحرب الباردة عندما سيطر السوفيت على اوروبا الشرقية، و امتد نفوذهم على اسيا و افريقيا و وصل حتى كوبا و آخر ازماته كانت في أفغانستيان.

و هكذا عملت أمريكا، مارست فائض القوة لديها بعد الحرب العالمية الثانية، أعادت بناء اوروبا الغربية و ساعدت في إنشاء حلف الناتو، و اطاحت بخمسين حكومة منتخبة، و حاولت بواسطة الناتو التوسع بإتجاه روسيا، و دخلت في إشكالات مع كوريا و فيتنام و الهند الصينية، و كادت ان تدخل في حرب نووية مع السوفيت بسبب ازمة الصواريخ السوفيتية في كوبا في الستينات.

و في الشرق الأوسط فائض القوة، إسرائيل ذهبت للإعتداء على العرب، ايران لديها مغامرات متهورة للإستيلاء على بعض الدول العربية، و حتى العراق تباهى بقوته فذهب لغزو الكويت في 1990م، و اردوغان اغرته قوته فذهب لإستغلال بعض الأراضي السورية، و تدخل في صراع الليبيين لأسباب شيطانية.
من الأمثلة اعلاه نستنتج ان بعض الدول التي ترى ان فائض القوة لديها يعطيها الحق لتنقض على دول أخرى، و لكن المشكلة تبقى عندما تعتقد بعض الدول ان لديها فائض قوة و تقع في شراك هذا الوهم.

الرأسماليون:
يبنون نظريتهم حول فائض القوة بمعنى إستغلال فرط القوة العسكرية مقابل الحاجة الإقتصادية، و لهذا الإستعمار هو أعلى مراحل الرأسمالية، و هكذا يستعبدون الشعوب، و عندما بدأ الإستعمار ينهار عالمياً اخترع الرأسماليون طريقا جديداً بإستخدام شعارات الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان، و هي شعارات تبدو محترمة، و في الحقيقة فهي فقط للرجل الأبيض، و هناك ادلة على ذلك في كيفية تعامل الأوروبيون و الأمريكيون المواطينين من اصول اسبانية، و كذلك عنصريتهم ضد المسلمين، و كذلك رأيناهم في مجازر الصهاينة ضد العرب في فلسطين.

الماركسيون:
في نظريتهم يرون ان السلعة التي يتم إنتاجها من مادة خام يصبح الفرق بينهما هو فائض القيمة اي السعر، فالفرق بين قيمتها قبل العمل وبعده يحدد السعر، و من هنا يأتي الربح.
ماركس تحدث كثيراً عن هذه النظرية في كتابه "رأس المال"، فهو يقول ان الرأسمالية أدخلت الوسيط، و هذا الوسيط بالتعريف الماركسي هو صاحب العمل الرأسمالي ليبتلع كل فائض القيمة بدلاً من ان يأخذها كلها العامل.

الحوثيون:
في نظريتهم وهم بأنهم يملكون فائض القوة العسكرية، و هذا وهم غير طبيعي، لأن فائض القوة التي لديهم ليست قوتهم، و انما هي قوة تعطى لهم حسب رغبة إيران، فهذا الوهم زرع لديهم وهماً آخراً انه اصبح لديهم الرغبة في إحتلال كل اليمن بل و الجنوب العربي.
أحياناً فائض القوة يراها الجاهل مثل الحوثي كأنها فائض قوته، و هذا هو الجهل الذي قد تؤدي به و بأهله الى الدمار، و للتدليل على ذلك عندما ذهب بوهم فائض القوة ليحتل الجنوب، عاد مهزوماً مدحوراً، و وهم قواتهم صوّرها الإعلام العالمي و هم معلقون قتلى في الشيولات الجنوبية بالرغم من القوة التي وفرتها لهم إيران.
اللبنانيون المسيحيون:
اعتقدوا ان لديهم فائض قوة ليسيطروا على القرار في لبنان، و تفاخروا أكثر عندما وصل بشير الجميل الى السلطة في 1982م، و تم إغتيال البشير بسبب إدعائه بفائض القوة بعد 21 يوم، و النتيجة ان تبعثرت الأحزاب المسيحية و اصبحت ذكرى فائض القوة لديهم ذكرى يحنوا لها.
اللبنانيون من الطائفة السنية:
عندما كان الرئيس الفقيد رفيق الحريري اعتقد سنة لبنان ان لهم فائض قوة، و لكن تم إغتيال الحريري في 2005م، ما حصل للمسيحيين حصل للسنة، و النتيجة ان وهم القوة تبخر.
السؤال لماذا؟
الجواب:
دائماً عشوائيات الأحداث و إنتقائية القرارات تكون سبباً للسقوط.
مشكلة الحوثي هي مثل اللبنانيين، هو لم يتعلم من أجداده الآئمة الذي يتمتعون دائماً في وهم التوسع، فكان شعارهم من يوالينا فهو معنا، و من يعارضنا فهو عدو خائن.
هنا نعرف مأساة وعيهم اليوم في فائض القوة، هم مثل النافق عفاش عندما اطلق شعاره "وحدة عمدناها بالدم".
انا اوجه للحوثي نصيحة إذا كانت فلسفة فائض القوة لديك هي قوة غرائزية، و ليست قوة عقلية، فستسقطون لا محالة لسبب بسيط انهم جعلوا غرائزهم تتجاوز تفكيرهم.
الخلاصة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل الساسة في صنعاء منذ نشأة الدولة الهادوية كانت لهم أحلام سياسية و عسكرية، و كلهم انتكسوا لسبب بسيط ان تفكيرهم كان ينصب الى المحاصصة الطائفية، و ليس الى الدولة المدنية.
عندما يحس الحوثي بغريزته انه قوي فهذه بداية السقوط، فقد سقط اجداده من قبل لأنهم كانوا يفكرون بنفس العقلية التي يفكر بها الرجل الآن.
و نصيحتي للجنوبيين ان لا يقعوا في نفس الخطأ.
د. علي محمد جارالله
13 يوليو 2024م