آخر تحديث :الأحد - 08 سبتمبر 2024 - 05:24 م

كتابات واقلام


الدولة المفقودة .. ضحايا الإهمال والفساد

السبت - 27 يوليه 2024 - الساعة 09:14 م

علاء العبدلي
بقلم: علاء العبدلي - ارشيف الكاتب


تحت سماء وطننا الحبيب، حيث تدور رحى الصراعات والأزمات، هناك حيث يكمن واقع مؤلم يدمي القلوب ويبث الأسى في النفوس. ففي الوقت الذي تواجه فيه قضيتنا الجنوبية العادلة أعداء متربصين من كل حدب وصوب، نجد أنفسنا أعداء لأنفسنا، بفعل أفعال من يتغنون بالولاء لقضيتناالجنوبية، وهم في الحقيقة أشد الناس خطورة عليها.

في المناصب الرفيعة التي لا يستحقونها، يتحول هؤلاء الأفراد إلى قوى نفوذ تعمل على خيانة قضيتنا الجنوبية بأفعالهم المشينة. وعلى الرغم من أن قضيتنا تواجه أعداء خارجيين، إلا أن هؤلاء الخونة يمثلون خطرا أكبر بكثير على مستقبلها.

ففي المؤسسات العسكرية والسياسية، يضم هؤلاء القادة في حاشيتهم أفراداً يتقاضون مخصصات ورواتب دون أن يقدموا أي جهد، بينما تعاني أسر الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل هذا الوطن مرارة العيش. أين هي أولوية هذه المخصصات؟ هل هي لمن يقبعون في بيوتهم ويقبضون رواتب دون وجه حق، أم لمن قدموا أرواحهم من أجل تراب هذا الوطن؟

لا يخفى على أحد أن هناك قيادات استغلت مناصبها لتوظيف أفرادها ومنحهم رواتب لم يستحقوها، في الوقت الذي لا تتلقى فيه أسر الشهداء حتى أبسط اللفتات الإنسانية. بل إن هناك من يجاهر بالفساد والتجاهل، محولين قضيتنا العادلة إلى مصدر للمكاسب الشخصية.

بينما يعاني أسر شهداء ثورة الحراك السلمي وجبهة بله خصوصاً من ظروف حياة قاسية، يمارس هؤلاء الخونة الفساد والتجاهل، محولين قضيتنا الجنوبية العادلة إلى مصدر للمكاسب الشخصية. فما بالنا بوطن يُدار بهذه الطريقة، هل يمكننا حقًا الحديث عن بناء دولة في ظل هذا الفساد ؟

لقد آن الأوان لإجراء تغيير جذري، لوضع حد لهذا الفساد والتجاهل، ولإيجاد حلول عادلة لأسر الشهداء. لا يمكننا أن نطمح لبناء دولة في ظل هذا الظلم والاستهتار، ولا يمكننا أن ننال رضا الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مستقبل هذا الوطن.

لذا، نناشد كل من يتحمل مسؤولية في مناصب القيادة العسكرية والسياسية أن يضع نصب عينيه أمانة الشهداء، وأن يتحرك بكل جهد لإصلاح هذا الخلل وإيصال حقوقهم إلى أسرهم. إن هذه اللفتة الإنسانية لن تكون مجرد واجب وطني، بل هي أيضًا سبيل لرضى الشهداء ولبناء دولة تستحق تضحياتهم الجسيمة.

ولكن هل نستطيع أن نؤسس دولة في ظل هذا الفساد والتجاهل؟ هل يمكننا أن ننال رضا الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل مستقبل أفضل؟ الجواب يكمن في أفعالنا، وفي مدى التزامنا بقيم العدالة والمساواة.

إن بناء الدولة لا يتم بالشعارات الرنانة، ولا بالوعود الكاذبة، ولكنه يتم بالعمل الجاد والإخلاص والتضحية. وفي ظل الظروف الراهنة، فإن بناء دولتنا يتطلب منا أن نضع حدا للفساد والتجاهل، وأن نكرم أسر الشهداء ونقدم لهم كل الدعم والرعاية التي يستحقونها.

فهل نستطيع أن نرقى إلى مستوى تضحيات شهدائنا، وأن نكون أوفياء لدمائهم التي روت تراب هذا الوطن؟
إننا ندعوا إلى تغيير جذري، إلى محاسبة الفاسدين والمقصرين. يجب وضع حد لهذه المهزلة التي تمزق نسيج الوطن. كما ندعوا إلى الالتفات لقضية الشهداء وإيلاء أسرهم كل الرعاية والاهتمام.

إن تكريم الشهداء ليس مجرد واجب إنساني، بل هو واجب وطني. إنه إقرار بأن تضحياتهم لم تذهب سدى، وأننا لن ننسى أبدًا الثمن الباهظ الذي دفعوه من أجل حريتنا وكرامتنا.

لا يقوم بناء الدولة على الخيانة والفساد، بل على التضحية والإخلاص. نحن بحاجة إلى قادة حقيقيين، قادة يضعون مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية، وقادة يدركون قيمة التضحيات، ويقدرون معاناة أسر الشهداء.

وإلا، فسنظل نعيش في ظل لعنة الشهداء، ولن تقوم لنا قائمة أو دولة.