آخر تحديث :الإثنين - 02 ديسمبر 2024 - 06:47 م

كتابات واقلام


الصبر مفتاح الفرج

الأحد - 22 سبتمبر 2024 - الساعة 08:34 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب



كلمات القصيدة: الشاعر سالم علي حجيري

الصبر مفتاح الفرج كلمة يرددها الكثير
لكـنـها وقت الحــرَج ما شي تقــرر لك مصير

الصبر كالمنشــار ينشر صحة الصــابر نشير
وانا معي صاحب وموقف صاحبي موقف مثير

إنْ قلت له سيره دلا، يـزيـد يسرع في المسير
وانْ قلت له سرعة يعــاندني ولا يرضى يسير

وهكــــذا مَــرّ الحــــــلا وأصبح الحـالي مرير
واللي يقولوا مَن صَبَر يلقى المنى كونه جدير

قولوا لهم في الألف واحد هكـذا الحِسْبة تشير
أما البقية في نكَــد دايــــمْ وحــالتـهــم عسير

كـم قلت له يا صــــاحبي بأنّ هــذا ما يصير

وفــــوش ما حــايلت به حتى تعب قلبي الكبير

رجعــت بطّـلـت النصـــــايح قلـت له بانستشير
والشَّــور راجع للمجــــرِّب من بأمثـــالي خبير

وكلمته نافــــــذ لأنه صـــــاحب الأمـــر الأخير

الشاعر الكبير سالم علي حجيري ابن قرية الحبيل في لحج أبدع في نسج هذه القصيدة باللهجة اللحجية الأصيلة وجمع بين الفصاحة والبساطة في التعبير. كلماته تعكس المعاناة التي يعيشها الإنسان في مواجهة الصعوبات والتحديات، ويصور في القصيدة تلك الحالة التي يعيشها الكثيرون عندما يجدون أنفسهم عالقين بين الأمل في الصبر وخيبة الأمل في عدم تحقق ما يصبون إليه. من خلال استخدامه للغة قريبة من القلب، تمكن سالم علي حجيري من نقل مشاعر الصبر والمعاناة بطريقة مؤثرة وعميقة، ليصل إلى المستمعين ويدخل إلى قلوبهم.

معاني القصيدة:
"الصبر مفتاح الفرج كلمة يرددها الكثير"
تعني أن الناس كثيرا ما يرددون مقولة "الصبر مفتاح الفرج"، ولكن من وجهة نظر الشاعر أن هذه الكلمة تصبح عديمة التأثير عندما يواجه الشخص مواقف حاسمة في الحياة. "الصبر كالمنشــار ينشر صحة الصــابر نشير"
يُشبّه الشاعر الصبر بالمنشار الذي يستهلك الصابر مع مرور الوقت، مما يوحي بأن الصبر مرهق ومؤلم. "وانا معي صاحب وموقف صاحبي موقف مثير"
يُخبرنا الشاعر أنه لديه صديق، لكن موقف هذا الصديق غريب ومربك."إنْ قلت له سيره دلا، يـزيـد يسرع في المسير"
إذا طلب الشاعر من صديقه أن يتحرك ببطء، فإنه يفاجأ بأن صديقه يسرع. "وانْ قلت له سرعة يعــاندني ولا يرضى يسير"
وإذا طلب منه أن يسرع، يعاند ويرفض التحرك. "وهكــــذا مَــرّ الحــــــلا وأصبح الحـالي مرير"
يعني أن الأيام الجيدة قد مضت وأصبحت الحياة مريرة. "واللي يقولوا مَن صَبَر يلقى المنى كونه جدير"
الشاعر يُعبر عن الشك في المثل القائل بأن الصبر يؤدي إلى تحقيق الأمنيات، حتى لو كان الشخص مستحقا لذلك. "قولوا لهم في الألف واحد هكـذا الحِسْبة تشير"
يقول الشاعر إن عدد الأشخاص الذين يحققون أمانيهم بعد الصبر قليل جدا، ربما واحد من كل ألف. "أما البقية في نكَــد دايــــمْ وحــالتـهــم عسير"
بينما يعيش الباقون في معاناة مستمرة وصعوبات دائمة. "كـم قلت له يا صــــاحبي بأنّ هــذا ما يصير"
الشاعر يُخبر صديقه بأنه حاول تحذيره بأن ما يفعله لا يصلح. "وفــــوش ما حــايلت به حتى تعب قلبي الكبير"
رغم كل الجهود التي بذلها الشاعر، أصبح قلبه متعبا من المحاولة مع هذا الصديق. "رجعــت بطّـلـت النصـــــايح قلـت له بانستشير"
الشاعر يقرر أن يتوقف عن إعطاء النصائح ويطلب المشورة بدلاً من ذلك. "والشَّــور راجع للمجــــرِّب من بأمثـــالي خبير"
يقول الشاعر إن النصيحة يجب أن تأتي من شخص مجرّب وخبير في مثل هذه المواقف. "وكلمته نافــــــذ لأنه صـــــاحب الأمـــر الأخير"

في النهاية، القرار النهائي يرجع إلى الشخص الذي بيده السلطة والأمر الأخير.

ومن جهته، كان للفنان الكبير فيصل علوي دور لا يُنسى في إحياء هذه القصيدة وتقديمها للجمهور بأداء غنائي رائع. تمكن فيصل علوي، رحمه الله، من إبراز جماليات النص وإثرائه باللحن الذي أضاف روحا إلى الكلمات، فأصبحت القصيدة من الأعمال التي تستذكر دائما ضمن التراث اللحجي واليمني بشكل عام. تميز فيصل في غنائها بأداء صادق ونقي، وقدمها بأسلوبه اللحجي الخاص الذي يتقن تناغم الكلمات مع اللحن بشكل بديع.

لقد كان لأداء فيصل علوي لهذه القصيدة بالغ الأثر في ترسيخها في اذهان الجميع، حيث اجتمع فيها الشعر العميق واللحن الجميل والصوت العذب ليكونا مزيجا فنيا منقطع النظير. يبقى أثر الشاعر والفنان خالدين في هذه الأغنية اللحجية الأصيلة حاضرين في قلوب محبيهم، كما يظل الشاعر سالم علي حجيري مبدعا بفضل قصائده التي تحمل عمقا فكريا وشعوريا يعبر عن أوجاع الناس وآمالهم.