آخر تحديث :الجمعة - 27 ديسمبر 2024 - 08:30 ص

ثقافة وأدب


أبو يمن.. والسهل الممتنع!

السبت - 23 أبريل 2022 - 04:07 م بتوقيت عدن

أبو يمن.. والسهل الممتنع!

سامي الكاف

أثار العمل الغنائي "أنا اليماني وهذا زماني" ردود فعل متباينة بين مؤيد مُرحب و رافض مُهاجم خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.
بدا منذ الوهلة الأولى التي بدأ فيها الإعلان عن هذا العمل وكأننا أمام عمل كبير غير مسبوق؛ وهو ما جعل كثيرين في شوق ولهفة لرؤيته.

كان واضحاً من العنوان أن هذا العمل وطني باتجاه الوطن: اليمن. غير أن العنوان نفسه لم يكن محل ترحيب عند كثيرين على اعتبار أن غالبية اليمنيين لا يستخدمون لفظة اليماني عند التعريف عن هوياتهم إذ يفضلون "اليمني" أو "أبو يمن"؛ في حين بدت "وهذا زماني" تخالف الواقع على الأرض اليمنية: الصادم والمُحبط في آن. وهو واقع ماثل أمام الجميع بلا إدعاء أو زيف؛ لا يكذب ولا يريد من أحد أن يُجمّله.
ومع ذلك، نظر كثيرون، ممن يعيشون في الخارج لفترات زمنية طويلة بطريقة إيجابية مُعبّرين عن إعجابهم وترحيبهم بهذا العمل الغنائي، فقد هيّج فيهم الشعور بالانتماء إلى وطنهم وعكس مدى اشتياقهم الجارف ليعودوا إليه، ومن هذا المنطلق تفاعلوا مع العمل تفاعلاً إيجابياً واعتبروه عملاً يستحق الإشادة و تأييده أيضاً.

فنياً؛ لم يقدم هذا العمل أي جديد في فكرته، ولا في بنائه الإخراجي، فضلاً كما أسلفتُ، ليس هذا الزمن زمان أبو يمن. على الرغم من أن الاخراج في الواقع مقبول بل وجميل من حيث التكنيك، لكنه في نهاية المطاف حصر نفسه في تكرار أعمال سابقة مختلفة ركّزت همها على إبراز جمال مناطق مختلفة في اليمن، وجغرافيتها، و ناس هذه المناطق بالضرورة، أعمال لطالما روجّت أن اليمن بخير في حين الواقع على الأرض خلاف هذا تماماً: هل هناك أسوأ من حاضرنا اليوم خلال تاريخ اليمن المعاصر؟! (راجعوا التقارير الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية من فضلكم).
ومع ذلك لا بد مما لا بد منه؛ فالغناء وكل تلك الأعمال التي ترتبط بالفن لا ينبغي أن تتوقف. غير أن الحروب الأخيرة التي عصفت باليمن، أسفرت عن بروز أسوأ ما فينا؛ على الصعيد الإنساني في المقام الأول أتحدث، ولذلك راح كثيرون ينظرون إلى هذا العمل الغنائي باعتباره فرصة لا تعوض للنيل من الهاشمية، فشنوا حملة شرسة باتجاه مؤلف شاب لا لشيء إلا لكونه ينتمي إلى عائلة "القاسمي" الهاشمية، مؤكدين أن أي إنسان هاشمي غير مؤهل لأي عمل إبداعي (وليس هنا بالطبع وارد القول أن المؤلف القاسمي الشاب لديه أعمال يتصدرها فنانون معروفون على المستوى اليمني والخليجي والعربي)؛ فالفكرة الأساس هنا كشفت وتكشف عن جانب إنساني بغيض صادم في كيفية النيل من الآخر المغاير.

كانت فكرة العمل وطنية كهدف أساس وهذا صحيح، ولكن على الأرجح كان الاستعجال في إنجاز العمل على حساب قيمة العمل ونوعيته وفكرته في المقام الأول، جعله يظهر على ما ظهر: ضعيف من حيث النص كما في عدم تماسكه البنيوي فنياً، في حين تم الرهان في نجاحه على الاختيار القائم على أساس أن المشاركين في العمل، إلى جانب الموسيقار أحمد فتحي و ابنته صاحبة الصوت الخرافي بلقيس، يمثلون مناطق مختلفة في شمال اليمن و جنوبه ولباسهم بالطبع المتسق مع مناطقهم (أنظروا من فضلكم إلى الصورة المرفقة كبوستر دعائي لهذا العمل للتأكد من هذه النقطة التي تكررت في أعمال سابقة).
هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
هذا سؤال يمكن أن يطرحه على نفسه من أنتج هذا العمل الغنائي بهدف تقييم ما قام به ليظهر لاحقاً بشكل يتجاوز ما قدمه في هذا العمل.
أما أنا فلدي فكرة أخرى مغايرة تماماً في ما لو توفرت معي القدرة المالية لإنتاج عمل فني باتجاه الوطن: اليمن. سأتعاقد بلا تردد مع الثنائي المبدع عبدالله آل سهل و هاني الشيباني لتقديم عمل فني مشترك جديد في فكرته ومضمونه، عطفاً على ما يقدمانه من إبداعات فنية متنوعة تأسر العقل والقلب معاً وتقع في خانة السهل الممتنع و تعزز من شعوري بانتمائي إلى هذه الأرض وناسها البسطاء.

#سامي_الكاف