آخر تحديث :الجمعة - 20 سبتمبر 2024 - 11:34 ص

ثقافة وأدب


الإعلان الطاغي على مساحة الصفحة الثقافية

السبت - 13 يوليه 2024 - 11:58 م بتوقيت عدن

الإعلان الطاغي على مساحة الصفحة الثقافية

رعد أمان

لاحظت في بعض الصحف كثرة الإعلانات على حساب الصفحة الثقافية، إلى درجة أنها صارت تلغيها نهائياً وتخصص مساحتها للإعلانات، وإذا أفسحت لها المجال يوماً واحداً في الأسبوع فإن الصفحة الثقافية لا تخلو أيضاً من إعلانات؛ في الوقت الذي لا تلغي الصحيفة أية صفحة أخرى كالرياضة مثلاً، على عكس الصفحة الثقافية ( المظلومة ) من الإعلانات.

ربما لا يكون قراء الصفحة الثقافية بحجم قراء ومتابعي الإعلانات والرياضة، ولكن المادة الثقافية في رأيي مهمة، لما للثقافة بمجالاتها كافة من دور مؤثر وإيجابي في التنمية والتطور وفي تقدم ونهضة المجتمع وبناء الإنسان الجديد .

أدرك جيداً ضرورة وجود المادة الإعلانية لأي صحيفة في هذا الوقت، وهذا أمر مهم ولا بد منه، حيث يوفر الإعلان مورداً مادياً إضافياً وضرورياً للصحيفة، ويؤدي وظيفة اقتصادية وتجارية واجتماعية وسياحية ووطنية مهمة، لكن بالإمكان في الوقت نفسه دراسة موضوع تخصيص ولو صفحة للإعلانات، والإبقاء على الصفحة الثقافية، خاصة وأننا في عدن، ولا يخفى على أحد ما لعدن من تاريخ ثقافي عريق .

ظَلمَ ( الإعلانُ ) قوافينا
فتهاوى أجملُ ما فينا
واستوحشَ روضُ ثقافتنا
وأطاح اليُبسُ النسرينا
ونهورٌ من أدبٍ جفَّت
ما عادَت حتى تُروينا
وطيورٌ عاشت صادحةً
اليومَ تنوحُ بوادينا
لا شيءَ سوى جدبٍ محَلَت
من قحطِه خُضرُ روابينا
وليالٍ سودٍ نادبةٍ
إشراقةَ شمسِ أمانينا
إعلانٌ يعقبُ إعلاناً
حتى لو نحن ما شِينا
أين الأزهارُ مفتَّحةً
في الدوح الناضرِ تسبينا ؟
أين الإبداعُ له ألقٌ
بالسحرِ الآسِر يغرينا ؟
أدبٌ أو شِعرٌ أو فنٌّ
أو شرحُ النغمةِ تُشجينا ؟
وسطورُ بيانٍ سلسلَها
إلهامٌ يهوى التلوينا ؟
عمَّ الإسفافُ وحاقَ بنا
وهوى التسطيحُ بقارينا
صار الإلهاءُ يجمِّعُنا
والأمرُ التافهُ يعنينا
أخبارُ الساسةِ تشغلُنا
واللهو العابثُ يكفينا
ما عدنا نلقى تثقيفاً
يُلقي في الأنفس تبيينا
ما عدنا نقرأ أشعاراً
في صفحة شعرٍ تُرضينا
يا ليت أخا عقلٍ يدري
أنَّ الأشعارَ تُعلِّينا
صِينَت بالشعر هويتُنا
مَن فرَّط فيه فقد هِينا
لا نلقى إلا إعلاناً
عن أمرٍ يلغي تعيينا
عن فقدِ جوازٍ أو مالٍ
أو فتحِ مطاعمِ ( مَندينا )
لا نقرأ إلا أخباراً
عن سوءِ ملاعبِ نادينا
أخباراً عن ( كرةٍ ) دارت
عن فِرَقٍ تسكنُ ( دورينا )
لم يبقَ إلا رياضتُنا
تحشو الصفحاتِ وتُلهينا
لا مجدَ ( لشوقي ) أو ( لطفي )
لا مجدَ يعانقُ ( رامينا )
المجدُ اليومَ ( لرونالدو )
والمجدُ اليومَ ( لچون سينا )
مادام الحالُ كذا فاقرأ
نعياً في الحالِ وتأبينا
أبِّنْ يا صاحِ ثقافتَنا
فالغَيرةُ قد ماتت فينا

رعد أمان