آخر تحديث :الأحد - 24 نوفمبر 2024 - 12:27 م

كتابات


الرحمة لروح الفقيد عــــلي السنــــــيدي

السبت - 31 أغسطس 2024 - 02:18 م بتوقيت عدن

الرحمة لروح الفقيد عــــلي السنــــــيدي

كتب / د. عيدروس نصر ناصر النقيب.

خلال أقل من أسبوع انقطعت فيها عن الشبكة جرت أحداثٌ كثير منها ما هو مؤلمٌ وعلى رأسها وفاة الزميل والصديق علي أحمد محسن السنيدي، زميل المدرسة الابتدائية والإعدادية، والصديق قبل هذا وبعده.
كنا نلتقي في طفولتنا على خلفية الصهارة التي تجمعنا فأخواه الفقيدين محسن أحمد ومحمود أحمد متزوجان من ابنتي عمي جبران ناصر نقيب، وكنا نتبادل الزيارات على هذه الخلفية.
في العام ١٩٧٢م انتقلنا من جميع مدارس المديرية الغربية للمحافظة الثالثة لأداء امتحانات الصف السادس في المديرية الشمالية لودر، كثاني دفعة من ست مدارس ابتدائية في المديرية تنهي هذا المستوى وكان عددنا قرابة ١٢٠ تلميذاً، وكانت الدفعة الأولى لتي سبقتنا تقتصر على ١١ تلميذٍ من مدرسة سرار منهم السفير حامد شيخ والمهندس نبيل سالم والقائد الشبابي زيد ثابت محسن والناشط السياسي والاقتصادي نصر صالح هرهره، وآخرون.
وفي العام التالي انتقلنا لمواصلة الدراسة في إعدادية الحصن بالمديرية الجنوبية، وبعدها تفرقت بنا السبل حيث انتقل الزميل علي للدراسة في المعهد التجاري، ثم بدأ العمل في قسم الحسابات في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بجانب مواصلته الدراسة المسائية حتى الحصول على شهادة البكلاريوس في المحاسبة من كلية الاقتصاد والإدارة حينها.
وترقى الزميل الفقيد حتى صار كبير محاسبي الدائرة المالية في اللجنة المركزية للحزب حتى العام ١٩٩٠م حينما تولى مهمة مدير الدائرة المالية في مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية.
وقد اكتسب فقيدنا مهارة عالية في عمله الإداري والفني وفي العلاقات العامة يشهد له بها كل زملائه من الأحباب والخصوم.
بعد الحرب العدوانية في العام ١٩٩٤م استبعد الفقيد من عمله وتعرض للتضييق والتجاهل والإقصاء مثل مئات الآلاف من الكوادر الجنوبية التي تعرضت للتهميش والقمع والتنكيل لا لسبب إلا لانتمائها الجغرافي للجنوب ولانتمائها (أو حتى عدم انتمائها) السياسي للحزب المهزوم في الحرب العدوانية.
في العام ٢٠٠٠م التقيته في مقر سكنه في مدينة الإحساء السعودية حيث كان يعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة للخدمات البترولية وقضينا معا عدة أيام.
يومها أتذكر أن الفقيد كان يشكو من آلام في الرأس وكان قلقاً جداً من هذه الإصابة ويخشى أن تكون نتيجة لمرض أخطر.
ما زلت أتذكر يومها أننا ذهبنا معا لعمل أشعة مقطعية، وكان هذا النوع من الأجهزة أحدث ما كان يستخدمه الأطباء لتشخيص الحالات المعقدة.
وبحمد الله كانت النتيجة سلبية وسافرنا بعدها معا على سيارته إلى مدينة الخُبـَر لزيارة عدد من الزملاء (المنفيين قسراً).
كان الفقيد في شبابه إيجابياً ومرحاً وواثقا بنفسه، وكثير الاطلاع، محباً لعمله ميالاً إلى العلاقات الاجتماعية يحب الطرفة ويتقن صناعة الدعابة، وبعد ١٩٩٤م، خصوصاً بعد العام ٢٠٠٠م كنت ألمس في نبرته مشاعر الاستياء والسخط وعدم الرضى عما يكتنف حياتنا جميعاً من مظاهر النكوص والذهاب باتجاه الماضي، وانحدار مستوى الحياة المدنية والمؤسسية، وتفريغ الأخلاق والعلاقات الإنسانية من قيم الحب والتسامح والعطاء والكرم، وطغيان النزعات والمطامع المادية على حياة الكثير من الناس.
كنا نتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وكان آخر اتصال بيننا منذ نحو عامين حينما أخبرني أن بعض القائمين على الحكومة عرض عليه منصب كبير في الحكومة ، وحينما شجعته على القبول بالعمل، رد علي:
لقد اعتذرت لهم عن هذا العرض لأسباب تخصني، فلا أنا أستطيع التعايش مع أنماط عملهم، ولا هم يقبلون بما أطرحه من شروط تتصل بالنظام والقانون ن ومعايير النزاهة والمؤسسية.
رحم الله الفقيد العزيز علي أحمد محسن السنيدي وغفر له واسكنه فسيح جناته.
وبهذا المصاب أعزي نفسي وأتقدم إلى أولاده وكل أفراد أسرته وأسر إخوانه وجميع أهلنا في دار الحبيل وكل آل السنيدي وجميع زملائه ومحبيه ورؤسائه ومرؤوسيه، بأصدق مشاعر العزاء والمواساة مبتهلاً إلى الله العلي القدير أن يمن علينا وعليهم جميعاً بالصبر والسلوان.
وانا لله وانا اليه راجعون