وسط حالة استنفار غير مسبوقة، لجأت ميليشيا الحوثي إلى إجراء ترتيبات أمنية واسعة، في محاولة لتحصين مناطق سيطرتها شمالي اليمن.
وأجرى الحوثيون أخيراً هيكلة واسعة للأجهزة الأمنية، طالت جميع مدراء الإدارات الأمنية على مستوى المحافظات كافة الخاضعة لسيطرتهم، واستبدالهم بقيادات جديدة غير مؤهلة، مرتبطة كلية بالميليشيا تنظيمياً وفكرياً.
وفي إطار استعدادات الحوثيين لمواجهة عمل عسكري مضاد ومرتقب، وسّعت الميليشيا من صلاحيات ونفوذ أجهزتها الأمنية السرّية، وكثّفت من نشاط جهاز مخابراتها المعروف بـ"الأمن الوقائي الجهادي المركزي"، الخاضع لما يسمى بـ"المجلس الجهادي" الذي يترأسه زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي.
وتأتي هذه الإجراءات، بالتوازي مع عمليات تحشيد واستحداثات عسكرية واسعة، تقوم بها ميليشيا الحوثيين، لفرض طوق من التحصينات والمصدّات الأرضية، في الأطراف الجنوبية الغربية من محافظة الحديدة.
ويرى خبراء أن "ترتيبات الحوثيين الأمنية تأتي نتيجة تصاعد المؤشرات حول امتداد التغيرات المتسارعة التي يشهدها الإقليم، والمواقف الدولية الحادة تجاه إيران ووكلائها في المنطقة، إلى اليمن".
قلق وفقدان الثقة
وقال الكاتب الصحفي جمال العواضي، إن "ميليشيا الحوثيين تعاني من حالة قلق شديد، بعد فشلها في إقناع الأطراف الأخرى بالعودة إلى خارطة الطريق التي تروج لها، في ظل التجاهل الأمريكي والبريطاني لدعوات استئناف العملية السياسية، وسط استمرار الهجمات الحوثية على ممرات الملاحة الدولية".
وقال العواضي لـ"إرم نيوز"، إن "الحوثيين يدركون أن قرار انطلاق عملية عسكرية مرتقبة ضدهم، قد تم اتخاذه، ومن ثم لجأوا إلى تعيين عناصرهم المرتبطين فكرياً وأيديولوجياً، خشية حدوث اختراقات أمنية، خاصة وأنهم بدأوا في تحركات عسكرية داخلية، وهناك معلومات تشير إلى تحركات لنقل أسلحة وصواريخ مموهة، إلى محافظتي صعدة وعمران، أقصى شمال البلد".
وذكر أن "الاستعدادات الحوثية، تأتي استباقاً لانطلاق معركة مضادة لهم في بعض المناطق، منها محافظة الحديدة المطلة على مياه البحر الأحمر، بالتنسيق مع القوات اليمنية المشتركة، في ظل التوجهات الغربية الجادة، لإزالة تهديدات الحوثيين على الملاحة الدولية، فور مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب".
تحصينات غير مجدية
وبدوره، رأى السياسي عبد الكريم المدي، عضو اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام، أن "تغييرات الحوثيين الأمنية، جاءت على أسس عقائدية موالية لهم بشكل مطلق، بعد أن تخلصت بشكل نهائي، من العناصر المنتمية إلى وزارة الداخلية".
وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "تفرّد الحوثيين في إدارة السلطات الأمنية، لن يفيدهم بقدر ما يوسع الفجوة بينهم وبين الشعب".
ولفت إلى أن "هذه الإجراءات، تعطل القانون والدستور واللوائح التنظيمية والمنظمة لعمل مؤسسات الدولة وإدارات مختلف القطاعات".
تأثيرات محلية عميقة
ويعتقد وكيل وزارة حقوق الإنسان لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ماجد فضائل، أن "هناك تأثيرات عميقة لإجراءات الحوثيين وترتيباتهم الأمنية، على حريات المجتمع؛ ما يضاعف الانقسامات داخل المجتمع ويقيد الحريات بناء على الانتماءات الدينية أو السياسية".
وقال فضائل لـ"إرم نيوز"، إن "سطوة الحوثيين الأمنية تعكس رغبتهم المستمرة والواسعة في إحكام قبضتهم على المواطنين ومراقبتهم بشكل كامل، وتهدف إلى مضاعفة القمع للأصوات المعارضة، والتضييق على الحريات الفردية".