آخر تحديث :الأحد - 15 سبتمبر 2024 - 12:29 ص

كتابات واقلام


نعم تقول لك أمي

الإثنين - 20 نوفمبر 2023 - الساعة 06:51 م

أبوبكر قطن
بقلم: أبوبكر قطن - ارشيف الكاتب


كان لنا زمن جميل ،، كانت فيه النفوس كبيرة محبة للخير لنفسها و للغير ،، أنتجت حصاد من العلاقات الإنسانية الراقية فيما بين الأخ و أخيه و الجار و جاره و بين الأصدقاء و زملاء العمل.. تجلى ذلك بوضوح في روح التآخي و التعاون والوقوف بحنية عند كل موقف في الأفراح و الأتراح.

كان الناس وقتها على مستويات متقاربة فكرياً ومعيشياً ، و لم تكن هناك فوارق كبيرة تميز بين الغني و الفقير فالغنى غنى النفس ،، و الغني من كان له رصيد من الأخلاق ، فلم تكن ثمة فوارق ملحوظة إجتماعياً.

و رغم الظروف التي كانت تصنف بصعوبتها حينها إلا أن حالة من الرضا و القناعة تسود المجتمع ،، عززتها مشاعر الأخوة الحقيقية.

و ما كان أي جار ينتقص عليه شيء من إحتياجات بيته إلا و يطلبها من جاره و هو على ثقة بأنه لن يخذل من جاره القريب قبل أخوه البعيد..

و حينها لا لعوز و لا لضيق معيشة أو حاجة و إنما لظرف طارئ أو لسبب ما كانت تفاجئ ربات البيوت بعدم توفر شيئ ما أو أحد مكونات الطبخ من الخضار حتى ترسل أحد أبنائها لأقرب الجيران و يعود لها بما طلبت..

فكانت وقتها عملة التداول المشهورة
*نعم تقول لك أمي* معك حبتين طماط.

اليوم تغيرت الأمور ،، و حدث زلزال كبير في أخلاقيات الناس قبل أن يحدث في مستوياتها و ظروفها المعيشية ..

فأستوحشت الناس و تطاولت قلة في البنيان بعضها بغنى فاحش طارئ دون مقدمات.. و ساءت ظروف الغالبية بسبب أوضاع مأساوية،،
و تقلبت الأمزجة و السرائر ،، و أصبحت الفوارق واضحة شاخصة لاتخطئها عين حتى لمجرد التمايز بالمسميات و لو الوظيفية..،

و ما عاد لتلك الأيام من الزمن الجميل لا رائحة و لا طعم و لا لون ،، إلا من ذاكرة قد شاخت تستدعي الذكريات لاغير.

فالواقع اليوم قد طغى بخصوصياته على مجمل سلوك الناس ،، فأنفرد كلاً للعناية بنفسه أو لنقل لتجنب مآلات واقع معيشي متدهور وينحدر مؤشره يوماً بعد يوم ، و ينعكس سلباً على السلوك و الأخلاق و لم نعد نرى روح التعاون الحقيقية إلا من المجاملات القليلة هنا و هناك.

فمتى يعود لنا زمن ..؟
نعم تقول لك أمي