آخر تحديث :الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - 12:10 م

الصحافة اليوم


أبواب وشبابيك عدن.. لوحات معمارية ممزوجة بـ«روائح البخور»

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - 10:28 ص بتوقيت عدن

أبواب وشبابيك عدن.. لوحات معمارية ممزوجة بـ«روائح البخور»

عدن تايم/ العين


بين أزقة عدن وشوارعها القديمة تفوح روائح البخور من النوافذ القديمة التي تعد لوحات معمارية لمنازل عتيقة مزجت بين الطابع الفكتوري والعدني.

فعدن جمعت بين أكثر من طراز معماري، ولم تقتصر على الطابع الفكتوري لمبانيها، والذي يُنسب لملكة بريطانيا الشهيرة "فكتوريا"، التي شهد عهدها احتلال عدن، أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر.

هذا الجمع المتنوع بين أكثر من طابع معماري، بما فيها الطراز الهندي للمباني، مع الاحتفاظ بالهوية العدنية الأصيلة منح عدن تفردا معماريا، تركز في الأبواب و"الشبابيك" التي جعلت من المعمار العدني لا مثيل له.


كل ذلك كان نتيجة التعدد الحضاري والثقافي الذي احتضنته عدن خلال أواخر القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، وانعكس على تراثها المادي، سواءً في الأزياء والأكلات، ومن الطبيعي أن ينعكس على المباني أيضا.

مبادرات تحافظ على التراث

ينظر أبناء عدن، قبل السلطات المختصة، إلى هذا التميز المعماري باهتمام ومسؤولية بالغين، وهو ما دفع إلى ظهور عديد مشاريع وأفكار شبابية لتسليط الضوء على فن الأبواب والمشربيات والشبابيك في طراز البناء العدني.

وركزت تلك المبادرات النابعة من اصل المجتمع العدني على جوهر تراث المدينة المعماري، ومن تلك المشاريع، "دار روشن للفن"، التي أخذت على عاتقها هذه المهمة ومضت تمزج بين أصالة الماضي والحاضر، متحسسةً مظاهر الإبهار في بنايات عدن.

تقول مديرة دار "روشن للفن"، الإعلامية صمود صالح، إن كلمة "روشن" تعني "المشربيات" الخشبية و"الشبابيك"، وأجزاء من أبواب البنايات العدنية القديمة، ولم يكن اختيار هذا الاسم للدار اعتباطيا أو مصادفة.

وأكدت صمود في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن هذه الأجزاء من البيت العدني تمثل أصالة وتميز المعمار في المدينة، حيث باتت رمزا للتنوع الثقافي، بالإضافة إلى كونها هوية وخصوصية عدنية خالصة.


وكشفت صمود لـ"العين الإخبارية" وظيفة عملية لـ"الروشن" وشبابيك المعمار العدني العريق، حيث تعني الضوء المتسلل من "المشربيات" الخشبية إلى داخل منازل أهل عدن.

وتضيف: كما أن هذه "الشبابيك" أو الـ"روشن" تعطي ساكني البيوت من المحارم والنساء خصوصية ورؤية كاملة على الشارع، دون أن يراهم أحد، ودون أن يضطروا لوضع الستار.

وقالت إن عدن تمتلك مقومات سياحية وجمالية لموروثها التاريخي والذعبي والعمراني الثري تجعل منها مؤهلة لأن تكون متحفا مفتوحا، لافتةً إلى أن الدار تعمل على تصنيف عدن متحفا مفتوحا، وتعزيز الاهتمام بهوية وثقافة عدن.

مشروع ترميم المباني التاريخية

كان الاتحاد الأوروبي قد أطلق في يناير/كانون ثلني 2024، مشروعا بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، والصندوق الاجتماعي للتنمية والسلطة المحلية؛ لترميم نحو 100 منزل أثري وتاريخي في مدينة عدن القديمة، (كريتر).

واختار المشروع المباني الماضررة نتيجة النزاع والعوامل الطبيعية، بالإضافة إلى البناء العشوائي، والتطور العمراني وتداخل الأبنية؛ ما جعلها تفقد تراثها العريق وحضورها التاريخي.

والمشروع هو الأكبر لمكتب اليونسكو الإقليمي بدول الخليج واليمن؛ بتمويل من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 20 مليون يورو، لترميم المباني وكافة الأسواق التاريخية في مدن (عدن، صنعاء، وزبيد).

ومن خلال هذا المشروع، حرص الاتحاد الأوروبي واليونسكو على تجنب المزيد من الخسائر في هذه المنازل التاريخية، وتنفيذ آليات للتخفيف من مخاطر الانهيار والانقراض؛ لضمان تمكن سكان هذه المنازل التاريخية من الاستمرار في العيش والحفاظ على تراثهم باعتباره موطنهم الأصلي.

كما يهدف المشروع إلى محاولة إدراج عدن على قائمة التراث العالمي مثل مدن صنعاء، زبيد وشبام، التي تمتلك قواعد بيانات كبيرة سهلت التدخل فيها، بينما لم يكن لدى عدن قاعدة للمباني الأثرية، كتقسيم الشوارع وأسماء المباني ونوعها والواجهات والأخشاب المبنية منها، وغير ذلك.

وخلال شهرين من بدء المشروع، تم تنفيذ مسح لمدينة عدن وفق مواصفات محددة لما يقرب من أربعة آلاف مبنى تاريخي، ثم اختيار حوالي مائة مبنى في البداية وفق معايير وضعها الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشروع الترميم.