آخر تحديث :الإثنين - 21 أكتوبر 2024 - 08:06 ص

كتابات


استقطاع رواتب الموظفين نتيجة نقص السيولة: بين استغلال البنوك وإخفاقات البنك المركزي في عدن

الإثنين - 21 أكتوبر 2024 - 01:36 ص بتوقيت عدن

استقطاع رواتب الموظفين نتيجة نقص السيولة: بين استغلال البنوك وإخفاقات البنك المركزي في عدن

كتب / د عارف محمد عباد السقاف


شهدت مدينة عدن تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة بشأن التعامل مع رواتب الموظفين الحكوميين، حيث كشفت مصادر مؤكدة عن اعتماد البنك المركزي في عدن على بنكين تجاريين عملاقين لتوفير السيولة النقدية اللازمة لدفع الرواتب، وذلك عندما يواجه البنك المركزي نقصاً في السيولة من الريال اليمني. مقابل هذه الخدمة، تقوم البنوك بخصم نسبة 2٪ من راتب كل موظف كرسوم على عملية السحب النقدي، مما يجعل الموظف ضحية لعدم توفر السيولة لدى البنك المركزي.

هذا الأمر أثار استياء واسعاً بين الموظفين، الذين يجدون أنفسهم في موقف صعب، حيث يتعرض راتبهم المرهق أصلاً للاستقطاع، رغم أنهم لا يتحملون مسؤولية عدم توفر السيولة النقدية. من ناحية أخرى، يستفيد هذان البنكان العملاقان من هذه العملية عبر تحصيل رسوم إضافية، بينما يتحمل الموظفون تبعات هذا الترتيب غير العادل.

في الوقت ذاته، أعلن البنك المركزي في عدن عن مزاد لبيع الدولار، بهدف سحب السيولة النقدية بالريال من السوق. ومع ذلك، فإن هناك معلومات تفيد بأن البنك المركزي في عدن لا يمتلك سيولة نقدية من الدولار، وإنما يعتمد على وديعة مودعة في أحد البنوك السعودية. هذا يعزز الشكوك حول فعالية هذه السياسة، خاصة وأن هذين البنكين العملاقين لم يتقدما لشراء الدولار في هذا المزاد. والسبب الرئيسي لامتناع هذين البنكين عن المشاركة في المزاد المعلن عنه هو تركيزهما على تحقيق عمولات من تحويل رواتب الموظفين، بدلاً من الانخراط في عمليات شراء الدولار. إذ أن الاستفادة من استقطاع نسبة 2٪ من رواتب الموظفين تمثل دخلاً مستقراً لهما، ما يدفعهما إلى تفضيل هذا النهج على المشاركة في المزادات.


هذا الوضع يسلط الضوء على تحديات كبيرة يواجهها الاقتصاد المحلي، حيث يجد الموظف نفسه بين مطرقة استقطاع الرواتب وسندان نقص السيولة، مما يزيد من الأعباء على كاهله. ومع استمرار هذه الممارسات، يتوجب على البنك المركزي مراجعة سياساته المالية والنقدية لضمان حماية حقوق الموظفين، وتحقيق توازن أكبر بين القطاعين المصرفي والوظيفي.


إن تجاهل هذه الإشكالية يفاقم من معاناة المواطنين ويزيد من استغلال المؤسسات المالية للموظفين، في حين يظل الهدف الرئيسي للبنك المركزي – استقرار العملة وتحسين الأوضاع المالية – غير محقق بالشكل المطلوب.


د/ عارف محمد عباد السقاف