تسجل الإصابات بالكوليرا في اليمن ارتفاعًا متزايدًا ومخيفًا في موجة جديدة تضرب معظم محافظات البلاد منذ بداية 2024، وصولًا إلى تسجيل نحو 220 ألف إصابة، وسط تقارير أفادت، الأربعاء، بارتفاع الوفيات في محافظة تعز جنوب غرب إلى 52 وفاة منذ بداية العام.
وذكر مسؤول في مكتب الصحة العامة والسكان بتعز أنه تم رصد نحو 8461 حالة يشتبه بإصابتها بالمرض، فيما تم تأكيد إصابة 1382 شخصًا عبر الفحص المخبري.
ودعا “المنظمات الدولية إلى التدخل السريع لدعم السلطات الصحية اليمنية من أجل السيطرة العاجلة على انتشار وباء الكوليرا”.
وكان مدير إدارة الترصد الوبائي في تعز، ياسين الشريحي، قال في وقت سابق من هذا الشهر، إن “حالات الكوليرا تتزايد يوميًا وبشكل مخيف جدًا، حيث تم تسجيل عدد 7862 حالة اشتباه بالإصابة بالوباء، منذ بداية الموجة الجديدة، وحتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري”.
وتحدثت تقارير إضافية، الأحد، نقلًا عن مصادر رسمية محلية، عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في محافظة مأرب شمال شرقي البلاد، إلى ما يقرب من 1300 حالة إصابة مشتبهة ومؤكدة، و18 وفاة مرتبطة بها منذ مطلع العام الجاري.
وقال مدير مكتب الصحة بمحافظة مأرب، أحمد العبادي، خلال تدشينه الأحد، حملة توعوية لطلاب المدارس حول وباء الكوليرا، إنه “تم تسجيل 1280 حالة اشتباه في عموم مديريات المحافظة منذ بداية العام الجاري 2024، من بينها 70 حالة إصابة مؤكدة بالتحليل المخبري”.
وفي محافظة لحج جنوبي البلاد، أطلق مدير مكتب الصحة في مديرية تُبن، خالد الرفاعي، الثلاثاء، نداءً إنسانيًا عاجلًا للوقوف أمام وباء الكوليرا الذي يجتاح المديرية.
وذكر الرفاعي أن الوباء تسبب، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة فقط، بوفاة ثلاثة أطفال، فيما سجلت الإحصائيات الأخيرة 30 حالة وفاة ونحو 4000 إصابة، “ما يُنذر بكارثة صحية تهدد حياة السكان”، وفقًا لموقع “الأمناء”.
وكان تقرير أممي حذر من أن “النازحين داخليًا والمهجّرين معرضون بشكل خاص للإصابة بالأمراض المعدية بسبب عدم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة وخدمات الرعاية الصحية”.
وفي هذا السياق، توفي خمسة أشخاص بالمرض خلال شهر ونصف، في مخيم السويداء للنازحين بمحافظة مأرب، والواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا.
ونقل موقع “محلي”، الثلاثاء، عن مانع الجبري، مدير العلاقات والإحصاء في مستشفى الميل الميداني، قوله إن المستشفى يستقبل يوميًا نحو 150 حالة، معظمهم من النساء والأطفال، تتنوع بين الإسهال والحُميات.
وأضاف أنه “يتم الرفع بشكل يومي إلى مكتب الصحة العامة والسكان بنحو خمس حالات اشتباه بالكوليرا، والتي يتم تحويلها إلى زاوية الإرواء المحددة من قبل المكتب، فيما نتعامل مع الحالات العادية رغم شح الإمكانات وقلة الأدوية”.
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وكتلة المياه والصرف الصحي قال، في مستهل نوفمبر/ تشرين الثاني، إنه “تم الإبلاغ عن 219009 حالات اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء اليمن خلال الفترة بين 1 يناير/ كانون الثاني و20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024”.
وذكر التقرير أن معظم الإصابات تتركز في المحافظات الواقعة في مناطق سيطرة “أنصار الله” (الحوثيون)، موضحًا أن محافظة حجة تتصدر قائمة الإصابات، حيث سجلت 35 ألف حالة، تليها الحُديدة بنحو 24 ألف حالة، عمران 19 ألف حالة، إب وذمار 16 ألف حالة في كل منهما، وتعز 15 ألف حالة، وأمانة العاصمة والضالع والبيضاء 14 ألف حالة في كل منها، صنعاء أكثر من 12 ألف حالة، صعدة والمحويث 11 ألف حالة في كل منهما، فيما سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة وأقل.
وفي الموازاة، أطلقت جمعية الهلال الأحمر القطري، الشهر الماضي، مشروعاً جديداً لمكافحة وباء الكوليرا في 6 محافظات يمنية، بتمويل يصل إلى نصف مليون دولار.
وقال الهلال القطري، في بيان، إنه أطلق مشروع “استجابة الطوارئ المتكاملة للكوليرا في اليمن”، والذي يستهدف محافظات أمانة العاصمة وصنعاء وتعز وحجة والحديدة والضالع، بتكلفة قدرھا1825000 ريال قطري (ما يعادل 492،750 دولارًا) بتمويل من صندوق قطر للتنمیة.
وأوضح البيان أن المشروع، الذي يستمر لثلاثة أشهر، يهدف إلى تعزيز القدرات الطبیة في 26 مرفقًا طبیًا لمكافحة الوباء والحد من انتشاره في المناطق ذات الأولوية العالية للاستجابة والكثافة السكانية الأكثر تضررًا في المحافظات المستهدفة.
واجتاح وباء الكوليرا اليمن، بشكل اُعتبر هو الأسوأ في التاريخ، خلال 2016 -2021، جراء تراجع خدمات ومستلزمات النظافة وتلوث مياه الشرب وتدهور خدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية تحت تأثير الحرب، التي أهدرت معظم إمكانات البنى التحتية للخدمات. وتم الإبلاغ جراء ذلك عن أكثر من 2.5 مليون حالة مشتبه بها و4000 حالة وفاة.
ويواجه اليمن، وفق الأمم المتحدة، “عبئًا مزدوجًا من الأمراض والنزاعات المسلحة، ويحتاج 17.8 مليون شخص في البلاد إلى المساعدة الصحية. ومن بين هذا العدد، 24% من النساء، اللاتي يحتجن إلى الوصول إلى خدمات طبية وصحية إنجابية متنوعة. ويمثل الأطفال 50% من المحتاجين، بما في ذلك 540 ألف طفل دون سن 5 سنوات يحتاجون إلى علاج منقذ للحياة من الهزال الشديد – 10% منهم يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفات طبية ويحتاجون إلى رعاية داخلية متخصصة للغاية”.