آخر تحديث :الأحد - 22 ديسمبر 2024 - 02:08 م

كتابات واقلام


حضرموت وتغير المناخ.. إبحار لمن لا يتقنه

الثلاثاء - 19 نوفمبر 2024 - الساعة 10:37 ص

سعيد أحمد بن اسحاق *
بقلم: سعيد أحمد بن اسحاق * - ارشيف الكاتب


حضرموت لم يعهد فيك التاريخ اسواق للمشيخة وللمناصب مطبعة ولا بطاقات لقبائلها وشيوخها للمعرفة ولم تذكر المجلدات والمآثر والمراجع تعاريف ومصطلحات للبورصة.. اقلب الصفحات فلم اجد فيك الا مشائخ وقبائل بشمسها ناصعة، غنية عن التعريف فشعاعها بالكون ساطعة، بأفعالها ناطقة وبأقوالها نافذة، لا تعرف بنفسها فإن الشمس هي الشمس حيثما انت ثابته، أصلها ثابت ومن لا يعرف نسبه جهل أصله، والتجارة بالانساب تجارة خاسرة، بصمة قد خصها الله لعباده كل له خاصة، لا تباع ولا تشترى ولو ملكت سوقا للمحلات طوال الليالي فاتحة،، أحلام بالمشيخة بتنصيبات بين ليلة وضحاها زائفة، وأمام العارفين فاضحة؛ لا يستطيع احد لها نازعة.. فتلك بصمة خلقت مع الانسان لنسبه حافظة، فما بال حضرموت اليوم تائهة؟بين أقوام للانساب ناهبة،فمن العجائب ان نسمع أن فلان أدعى بأنه صيعري وهو ماله فيها شئ،لا من قريب ولا من بعيد و للمشيخة مدعية و داعية،وأن من سخرية الرداءة: ان كل من لبس العمامة بالرأس ووضع الثانية ، على الكتف شيخا لا يدري انه امام العارفين شماعة، وأعلام بالاركان رافعة، وكأنها للختاميات ذاكرة،قبل هلال رمضان بأعلامها ناشرة؛ خليط من الأخلاط مالها بالمشيخة ولا بالمرجعية ادلة ولا بحضرموت لهم فيها حقائق ثابتة.. فما الاهداف لتلك التكوينات رامية؟ وماالغايات منها راجئة؟ فهل للسياحة أتت لسواح الاعاجم جاذبة؟ فما اكثر المكاتب اليوم بحضرموت ناصبة؛ بضاعة والله بائرة،و للجودة فاقدة، وللعلامة زائفة، جلية واضحة..لا تحتاج لمشورة وفتاوي باطلة، مشاريع استعمارية هي لتجزئة النسيج الحضرمي ولتعطيل العقول وجعلها خاملة، لقوى الاطماع خاضعة ولادواته المريضة طائعة..لتحقيق مآرب خبيثة ماكرة؛ لعبة قذرة لم تعهدها حضرموت في عصورها الماضية؛ ولا على عصور ملوكها الغابرة، ومشائخها السابقة ولا اللاحقة.. فما الذي يحدث في حضرموت من متغيرات متسارعة؟ وهل للثقب الاسود في محيطك لاشعته نافذة.. تغير المناخ فيك بسواده على النفس كاتمة؛ وللمستقبل جاهلة.

ياثور بن مرتع بن مالك بن زيد.. فهل شممت غبار الوحل وهل هي إليك آتية؟ وهل اجتمعت يامالك بن زيد مع كندة وهمدان والهان لتخبرهم برصد العاصفة؟ أخبار حضرموت يامالك اليوم خاطفة.. لا بإنهيار سد مأرب ولكن بإنهيار الاخلاق واعلاء المكابرة لاحياء البسوس مرة ثانية بالخداع، بالنصب، بالاحتيال،، بالشباك الماكرة، فما زالت البسوس(سعاد) لاخيها التبع اليماني من الملك كليب ثائرة.

إن مملكة كندة.. مملكة عربية قديمة مرت عليها مراحل.. واسعة الانتشار وممتدة وقفت اقلام المؤرخين في محطاتها واختلف الرواة في كثير من رواياتها.. ملوك ممتدة ذات بأس وشأن تعددت أسماءها، ومشائخ كندة ذات صيت تشهد لها بوادي الصحراء ووديانها،ومواقف عند شرارات الحروب والغزوات في الصلح مشهودة.. قد سجلها التاريخ بالصخور محفورة، هم للاستشارة وحدهم، لا يتعدى حدودها غيرهم، فتلك شروع لا يفهمها إلا للاعراف عرافة..
إسأل هينن الأثرية.. تلك البقاع المهمة في حضرموت بلاد بني تجيب الكنديين ومر على وادي حجر وريدة الصيعر.. هينن لم يغفل التاريخ الحضرمي عنها، وقف عند الخفارة أو [السيارة] بكسر السين وفتح الياء لعل فاتح المكتب يدون ما هو نسيانه ويستذكر المستشارين القانونيين والدينيين لقبائل كندة الكبرى وقبائل نهد والصيعر المشهود لهم بالتاريخ:
يوم غنى في المقد
بالحزارة وفيهن خلط سود
ياحقيبي لكم ياهل البلد
يوم قلتم عسى البرقة تعود.
إن الإبحار في أنساب القبائل إلا لمن يتقن الإبحار
لكن ماذا نقول في زمن سوق النخاسة.. مشاهد للعرض معروضة لم تكن بالاعراف والشرائع والعادات معروفة ولا بالمخطوطات والكتب مذكورة.. فمن متى كان لكندة أعضاء مكاتب؟ ومن متى هناك مسؤول اصلاح ذات البين؟ ومن متى كانت هناك عضوية مجلس الشورى ومسئول اعلامي؟
إن حضرموت اليوم تتجه الى عالم جديد لها داعية، بالمال والاعلام يشترى الانسان من وراء الستار بإسم القبلية والطبقية لأدوات خافية؛ لجره للثأرات للعودة الى العصور الخالية؛ وابعادهم عن تعاليم الاسلام الى تعاليم القبائل الجاهلة؛ حتى لا تكن لحضرموت أجيال قادمة.. إنه والله غزو جديد للافساد والتناحر لتدمير أمة.. نحو الاستعمار والاستحمار، استعمار من الخارج غازية واستحمار من الداخل هادمة،وكلاهما للتسلط والاطماع هادفة، لمنابع النفط مالكة،وللامن الغذائي ضامنة.. مستغلين بذلك غياب السلطة و تدهور الاقتصاد وعملة هابطة، وحاجة الناس الماسة. لاشك ان التركيز على حضرموت واغداقها بالمكونات دون غيرها مؤامرة على المدى الطويل في اهدافها وفكرها تتغطى تحت مسميات مغلفة، ظاهرها اجماع وباطنها تفريق وتمزيق، ونزاعات وحروب؛ بالمال وحده سلاح وغاية، لتحقيق مآرب لحضرموت خافية، تنذر بالخطر إن لم نتداركه قبل التقسيم والتمكين بوقوع الكارثة.
لا تستغربوا إن وجدت لها فراغا وغفلة للسيطرة،في ظل متغيرات نحو عالم جديد يحكمه المال، لامكان فيه للأغبياء.. فالعالم الجديد المصالح به حاكمة، ولا مكان للسياسة كما لا وجود للدين.. بل الفوضى وحدها الغالبة بأرض العرب ولدول الاسلام قاطبة، يقتل فيه المسلمين والعرب بعضهم بعضا، بالطائفية والقبلية بأموالهم للحروب شاعلة.
إن كان وجود التكتلات لشعوبها ناصحة، فلماذا لا تستثمر للاعمار لاستقطاب الشباب العاطلة في مصانع وشركات نحو البناء والنهوض لجميع نواحي الحياة والاعتماد على النفس نحو الاكتفاء الذاتي حماية للاجيال وتشجيعا للابداع والمنافسة، بدلا من مكاتب لا تبني بقدر ما تدمر.. لا تتنافس الا بالنسب للمكابرة وعبر القنوات للمهاترة. ماهكذا كانت المآثر.. مآثر الاجداد للحضارات بانية، وبين الامم ناصعة. لا كما نحن مشغولين ب (أنا ونحن) وللعمائم للرؤوس عاصبة، اصبحنا امام التكتلات لا نجيد للمطالب بقدر مانجيد للمناصب.
يفتح العالم قريبا صفحات العالم الجديد، على فصل جديد، وتساؤلات جديدة، فما الذي تسعى إليه القوى المتصارعة الى فرضه بكل العزم والاصرار على حضرموت؟ هل الى المزيد من التكتلات والتجمعات تحت مسميات جديدة؟ أم إلى إنفراج جديد قادم تتمناه حضرموت لفك أسرار لحقبة غامضة؟
هذه هي أسئلة عام قادم.