أثار فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة الأميركية اهتماما ملحوظا في اليمن، وسط تساؤلات بشأن مدى انعكاس ذلك على أزمة البلد العربي الفقير وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن. وكان ترامب قد تغلب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس مطلع نوفمبر الماضي، ومن المقرر أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير 2025، ليبدأ رسميا مهامه الرئاسية.
وتعليقا على فوز ترامب، قال زعيم الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي إن “نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر على موقفنا المبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني، ولا خيار للأعداء إلا وقف العدوان الإسرائيلي والحصار على غزة”. وأضاف في كلمة مصورة “لدينا في اليمن تجربة مع ترامب، والنتيجة أنه لم يحسم الجبهات في اليمن، ولم ينجح في فلسطين ولبنان وسوريا وإيران والعراق”. وأضاف مشدداً “لا ترامب ولا بايدن ولا غيرهم سيتمكن من أن يثنينا عن موقفنا الثابت المبدئي الديني في نصرة الشعب الفلسطيني.”
وفي المقابل، أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني “بمواقف الرئيس ترامب وإدارته خلال ولايته السابقة إلى جانب اليمن وشعبه وقيادته السياسية، وتطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط انقلاب المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الإيراني.” وأعرب العليمي في برقية تهنئة لترامب، عن ثقته بمستقبل واعد للتعاون الثنائي بين اليمن والولايات المتحدة في مختلف المجالات.
وفي إشارة ضمنية فيما يبدو، توقع العليمي دورا لترامب في إنهاء الحرب اليمنية قائلا إنه” يثني على التزام الولايات المتحدة القوي والثابت بمواصلة العمل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل انهاء الحرب، وتحقيق السلام العادل والشامل وفقا للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2216 (ينص على سحاب الحوثيين من مختلف المناطق).”
ومنذ عشر سنوات ما تزال الحرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية في اليمن المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي المدعومين من إيران، من جهة أخرى. ومنذ أكثر من عام، يواصل الحوثيون المدعومون إيرانيا هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن ، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل أو تلك المتوجهة إليها، وذلك “نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.”
واستجابة لذلك، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا أن هذه الهجمات تهدد البحر الأحمر بوصفه معبرا مهما للتجارة الدولية، وبدأتا في يناير الماضي هجمات على مواقع للحوثيين، الذين ردوا باستهداف سفن أميركية وبريطانية. وفي اليمن يرى كثيرون أن ترامب قد يتخذ رد فعل عنيف تجاه الحوثيين المرتبطين بإيران، خصوصا أن له تاريخ من الخصومة مع طهران.
ويتوقع مراقبون أن تتجه إدارة ترامب إلى تحجيم قدرات الحوثيين وتوجيه ضربات جديدة ضدهم. وفي السياق ذاته، يرى الباحث اليمني عبدالسلام قائد، أن إدارة ترامب قد تتخذ منحا قاسيا للتعامل مع الحوثيين في حال ازداد مؤشر هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن. وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية أن الإدارة الأميركية الجديدة قد تنفذ ضربات قوية ضد الحوثيين وأذرع إيران من أجل تقييد طموح طهران في المنطقة.
وأشار إلى أن إدارة ترامب قد تتعامل أيضا بردود الفعل في حال كانت هجمات الحوثيين على السفن غير مؤثرة واقعيا، وفي هذه الحالة لن تلجأ إلى تنفيذ ضربات فاعلة ضد الجماعة اليمنية المدعومة من إيران. وحول مستقبل أزمة اليمن في ظل إدارة ترامب يعتقد قائد أنه” لن يحرك الجمود القائم في البلد منذ سنتين إلا حدث كبير، مثل عمل عسكري واسع ضد الحوثيين تشارك فيه أطراف محلية وإقليمية ودولية، أو في حال توقف الحرب في غزة قد يبادر الحوثيون في إشعال معارك في الداخل لتوسيع مساحة سيطرتهم.”
وبدوره، يعتقد المحلل السياسي صدام الحريبي أنه لن يكون هناك فرق كبير بين إدارة ترامب وسابقتها إدارة جو بايدن، لكن قد يتم السعي لإنهاء هجمات الحوثيين سلما أو حربا. وقال الحريبي “لا توجد اختلافات كبيرة في سياسات الإدارات الأميركية المتلاحقة، فالحاصل هو فقط تباين في طريقة التعامل تحت مظلة مصلحة الولايات المتحدة.”
ويرى الحريبي أن “ترامب سيواصل ما بدأت به إدارة بايدن فيما يخص البحر الأحمر، إلا إذا رأت الدولة العميقة في الولايات المتحدة أنه من الضروري حسم موضوع هجمات الحوثيين خصوصا وأن الوضع السياسي الداخلي أصبح مستقرا مع انتهاء الانتخابات وذهاب الرئيس السابق بايدن.”
وتوقع المحلل السياسي أن يعمل ترامب على حل مشكلة البحر الأحمر إما سلما من خلال المحادثات أو عبر الحرب. ونتيجة طول الحرب اليمنية منذ عقد، ثمة من يرى أن وضع البلد أصبح منسيا لدى العالم الذي يهتم أكثر بتطورات أحداث البحر الأحمر. ويقول المواطن عدنان غالب، إن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب لن تغير كثيرا في مسار الأزمة اليمنية، إلا بما يتوافق مع مصالحها.
وأضاف أن ترامب قد يتعامل بحزم مع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خصوصا لو تصاعدت بشكل يؤثر على المصالح الأميركية. ويشير غالب إلى أن “الأزمة اليمنية ستظل شبه منسية، لأنه لا يوجد حتى الآن نوايا حقيقية لحلها، ولو كان ترامب جادا في إنهاء الحرب لعمل على ذلك في ولايته السابقة قبل سنوات.”