شنّ الجيش الإسرائيلي غارات عنيفة استهدفت مدينة طرطوس شمال غربي سوريا، في أعنف هجوم لإسرائيل على الأراضي السورية منذ 2012، واستهدف الهجوم ما قيل إنها «مستودعات ذخيرة».
فيما تشهد دمشق حراكاً دولياً مكثفاً لدعم حل سياسي سلمي تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية ترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية.
واشتعلت النيران بسبب الهجمات الإسرائيلية على طرطوس في المستودعات بعد الهجوم، وكان الانفجار جزءاً من أحدث سلسلة من الهجوم الإسرائيلي في جميع أنحاء سوريا، والتي ركزت على مستودعات الأسلحة ووحدات الدفاع الجوي ومستودعات صواريخ أرض-أرض تابعة للجيش السوري.
وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وميضاً هائلاً ساطعاً أعقبه عدة انفجارات أرسلت سحابة هائلة من الدخان في الهواء.
وتشن إسرائيل هجوماً عنيفاً على سوريا منذ التطورات الأخيرة وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، كما استولت على المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا، وتؤكد أن ذلك متعلق بـ«حماية أمن إسرائيل».
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، هارتسي هاليفي، إن إسرائيل تواصل تقدمها في سوريا لحماية حدودها، مشيراً إلى أن هناك تهديداً من عناصر إرهابية يمكنها أن تشن هجمات ضد إسرائيل.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت مستودعات صواريخ وأسلحة في منطقة مدينة طرطوس الساحلية القريبة من الحدود اللبنانية السورية.
وقال ضابط سابق في الجيش السوري إن المدينة شهدت لأول مرة قصفاً جوياً إسرائيلياً كبيراً، موضحاً أن الهجمات استهدفت مرافق للدفاع الجوي ومنشآت عسكرية بينها اللواء 23 ووحدات عسكرية بالقرب قرى حريصون والبلوطية والخراب، إضافة إلى عدة مواقع أخرى شوهدت فيها ألسنة اللهب، مضيفاً أن إسرائيل ربما استخدمت سلاحاً لأول مرة في الهجمات على سوريا.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات على مواقع عدة بينها وحدات للدفاع الجوي ومستودعات صواريخ أرض-أرض»، واصفاً إياها بأنها «الضربات الأعنف في منطقة الساحل السوري منذ بدء الغارات في 2012».
قصف جوي كبير
وأكد ضابط سابق في الجيش السوري يعيش في مدينة طرطوس: «لأول مرة تتعرض مدينة طرطوس لقصف جوي إسرائيلي كبير، حوّل ليل المدينة إلى نهار جراء الانفجارات العنيفة، نتيجة استهداف قواعد دفاع جوي ومواقع عسكرية سورية ومنها اللواء 23 وكتائب عسكرية قرب قرية حريصون والبلوطية والخراب، إضافة إلى عدد من المواقع الأخرى التي شوهدت النيران تندلع منها».
تحركات دولية
ويأتي التصعيد الإسرائيلي في سوريا مع ظهور مؤشرات عدة على أن ثمة رغبة حقيقية من المجتمع الدولي في التعامل بإيجابية مع الأوضاع الجديدة والحكومة الانتقالية في سوريا، حيث إن التحركات الجديدة جاءت من اتجاهات عدة، وعلى أكثر من صعيد، وعلى رأسها زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى سوريا، ولقائه قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع ورئيس الحكومة الانتقالية.
وأعلنت القيادة العامة للإدارة السياسية في سوريا أن القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أجرى مباحثات في دمشق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، الذي وصل إلى العاصمة السورية دمشق في أول زيارة له لسوريا بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأكد الشرع خلال اللقاء أهمية وحدة سوريا وإعادة الإعمار وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال. وطالب بضرورة إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، مما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد.
وشدد على «ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال»، بالإضافة إلى ذلك تم تأكيد «أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك».
اجتماع أمريكي أوروبي
إلى ذلك، يعقد وزراء خارجية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا محادثات، اليوم الثلاثاء، بشأن التطورات في سوريا، وفق ما أعلن وزير خارجية إيطاليا أنتونيو تاياني.
وقال تاياني خلال مؤتمر للدبلوماسيين في وزارة الخارجية الإيطالية: «نأمل في أن تتحول الإشارات الإيجابية الأولى إلى إشارات إيجابية ملموسة».
ويأتي هذا الاجتماع الافتراضي فيما تكثّف الدول الغربية اتصالاتها مع «هيئة تحرير الشام» التي تولّت السلطة بعد انتهاء حكم بشار الأسد.
في الأثناء، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن لدى الاتحاد الأوروبي أدوات عدة يمكنه تقديمها للإدارة الجديدة في سوريا، مثل المساعدة المالية وإعادة الإعمار ورفع العقوبات، إلا أن ذلك يتطلب تحقيق شروط محددة.
وأوضح بارو، لدى وصوله إلى مقر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أن هذه المساعدات مشروطة بانتقال سياسي يضمن تمثيل جميع الأقليات في سوريا، واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومكافحة الإرهاب والتطرف.
وأضاف أن ملف الشرق الأوسط سيكون في قلب مناقشات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، و«على رأسها ملف سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».
وتابع بارو أن هذه الفترة «تحمل عدداً من المخاطر مثل خطر التفكك وعدم استقرار سوريا، وخطر التطرف الإسلامي». في الأثناء، قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن أكبر دبلوماسي معني بسوريا في التكتل، سيذهب إلى دمشق، ليتواصل مع الحكومة الجديدة في البلاد.
مبادرة
إلى ذلك، أطلق ما يسمى «الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا»، الاثنين، مبادرة من 10 نقاط لبدء حوار وطني سوري شامل، ودعت إلى عقد اجتماع في دمشق بمشاركة القوى السياسية لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية.
وقالت في بيان: «سياسة الإقصاء والتهميش يجب أن تنتهي، ويجب أن تشارك جميع القوى السياسية في بناء سوريا الجديدة بما في ذلك الفترة الانتقالية».
وقالت الإدارة إنه يجري حالياً الإعداد لمرحلة لقاءات، وحوار مع الفصائل المسلحة في العاصمة دمشق «بهدف توحيد الآليات والجهود خدمة لسوريا وشعبها»