كشفت تقارير إعلامية عبرية، عن استعدادات تجري على قدم وساق في تل أبيب، لتوجيه ضربة كبرى للحوثيين في اليمن، والعمل على حثّ بعض الدول للاشتراك معها في تلك الضربة.
ونُسبت المعلومات الواردة إلى مسؤولين أمنيين وعسكريين إسرائيليين، ونشرتها هيئة البث الإسرائيلية، وهي إحدى الوسائل الإعلامية الرسمية المعبرة عن توجهات وسياسات الدولة؛ ما يُرجّح صحة المعلومات بنسبة عالية.
في الوقت نفسه، وفي تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أكد من خلالها، أن "قواته ستتحرك بكل قوة ضد الحوثيين"؛ ما يرفع مؤشرات المواجهة المباشرة مع الحوثيين كتلك التي جرت بينهم وبين حزب الله في لبنان، إلا أن هناك العديد من الفروقات والحسابات المختلفة، والتي تكمن أبرزها في البُعد الجغرافي.
وحيال ذلك، قال المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي العميد ركن ياسر صالح: "يبدو أن إسرائيل ذاهبة في اتجاه التصعيد، ولكن في كل الاحوال لا تمثل لها الجماعة الحوثية تهديدًا مباشرًا، وإنما تمثل عليها ضغطًا شعبيًّا، جراء عملياتها، وأهمية المواطن بالنسبة لها رغم عدم وجود الخسائر البشرية كقتلى".
وأضاف أن "تَدافع الإسرائليين إلى الملاجئ، يعرض المسؤولين إلى كثير من الضغوط جراء هذه العمليات التي لا يمكن أن يطلق عليها اسم عمليات عسكرية، وإنما نستطيع أن نقول: إنها عملية استهداف مباشرة أو استهداف عسكري".
وأضاف صالح: "كل هذه الإجراءات لكي يحافظوا على نظرية الردع، هم مضطرون للردّ عليها، ليس بسبب تأثيرها الموجع، وإنما بسبب الحفاظ على نظرية الردع الإستراتيجي".
ويتابع صالح، في سياق حديثه لـ"إرم نيوز" قائلًا: "ربما إسرائيل تحتاج إلى إشراك بعض الدول، للاستفادة أوّلًا من القاعدة المعلوماتية، إضافة الى ذلك بُعد المسافة الجغرافية، وممكن أن تعوّل على الدول التي توجد فيها قواعد إسرائيلية، من خلال الطلب أن يكون الإقلاع منها، حتى تتمكن من محاولة تقليل زمن الإنذار لدى الجماعة الحوثية".
وذكر المسؤولون الإسرائيليون في تصريحاتهم لهيئة البث الإسرائيلية، بأن هناك تنسيقًا وصفوه بـ"الوثيق" بين تل أبيب مع واشنطن.
وأشار الخبير العسكري، إلى انه "من الممكن الحديث عن أن أمريكا، هي أقرب الدول التي من الممكن أن تقتنع بهذا الرأي الإسرائيلي، مع أن الأمريكان لديهم إستراتيجية مختلفة، ولكن حتى الآن تعتبر هي أقرب الدول التي من الممكن أن تتعاون مع إسرائيل في عمليات مشتركة".
وعن حجم الضربات في حال تمكنت إسرائيل من الحصول على دولة تشاركها ضرب الحوثيين، يقول ياسر صالح: "لن يختلف كثيرًا واقع الضربات الجوية سواء أكانت عبر مقاتلات إسرائيلية وحدها، أم بالاشتراك مع أي دولة أخرى، كون اسرائيل دائمًا ما تستهدف في عملياتها الهجومية، تدمير المنشآت المدنية والمؤسسات الخدمية والبُنى التحتية الاقتصادية"، متابعًا: "إضافةً إلى ذلك فهي لا تُبالي بكل القواعد والأعراف الدولية عندما تقوم بعملية هجومية".
وأفاد: "لكن إن توفرت لديها معلومات حقيقية عن مواقع أكثر ايلامًا للحوثيين فقد تقوم بذلك، خصوصًا أنها تحاول إشراك الولايات المتحدة الأمريكية، بناءً على قاعدة المعلومات التي لديها، والتي تتحفظ فيها الضربات الامريكية والبريطانية على استهداف هذه القيادات أو المخازن والمقرات المتواجدة في محيط المناطق القريبة والمأهولة بالسكان".
ولفت إلى أن "هذا قد يكون سبب خشية الأمريكان من إعطائهم المعلومات، كونه من الممكن أن تقدم إسرائيل على تنفيذ مثل هكذا ضربات".
ويتوقع صالح بأن يكون واقع الحال أكثر شراسة وأكثر قوة وأكثر تدميرًا، سواء للبنى التحتية أو حتى في تأثيرها على المستوى العسكري الحوثي".
ونوه إلى أن: "العسكريين الأمريكيين، يدركون أن مخازن وقدرات الجماعة الحوثية العسكرية قد تكون صعبة المنال، وليس من السهولة بمكان الوصول إليها".
وذهب بقوله: "الأمريكان إذا ما أرادوا أن يشتركوا في ضربة قاسمة فيجب أن تكون وفقًا لمصفوفة متكاملة، تبدأ بعمليات ضربات جوية لفترة معينة، ثم بعد ذلك يكون هنالك هجوم بري، يتم فيه الحسم على الأرض، لن تشترك فيه القوات الأمريكية والإسرائيلية".
وكان نتنياهو، ذهب في تصريحاته الأخيرة، إلى الإفصاح عن استعداد إسرائيل "للتحرك منفردة في مواجهة التهديدات الحوثية". مستدركًا، بأن "الولايات المتحدة ودولًا أخرى تشاطر إسرائيل موقفها باعتبار الحوثيين "قوة تهديد فاعلة" على المستويين الدولي والإقليمي".
من جهته، استبعد رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث السياسية والإستراتيجية عبدالسلام محمد، أن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا، في ضربات مشتركة مع الإسرائيليين، واستهداف الحوثيين والمحافظات اليمنية الواقعة ضمن نفوذها.
وفي تصريح لـ"إرم نيوز" قال محمد "لا أعتقد أن تكون هنالك عمليات مزدوجة إسرائيلية أمريكية بريطانية، فالأمريكان يعلمون جيدًا الوضع في اليمن ويعرفون الظروف المحيطة به، لذلك ستكون العملية الفاعلة ضد الحوثيين عملية أمريكية، دون مشاركة من إسرائيل".
ورأى بأن: "إسرائيل تُريد شنّ بعض العمليات المنفردة، لكن في الوقت نفسه ومن جانب دعائي، أمام مواطنيهم، تريد إظهار أن العالم كله يقف معها، من خلال إطلاق مثل تلك الدعوات".
وأضاف: "تتحرك أمريكا وبريطانيا، من منطلق الدفاع عن سفنهما في البحر الأحمر، في عملية محدودة جدًّا، بعكس إذا ما اشتركت إسرائيل معهما، سينفرط العقد، وسيصب في مصلحة الحوثيين إذ سيظهرهم ذلك كالأبطال وأنهم يواجهون عدوانًا ثلاثيًّا خارجيًّا"، منوهًا إلى أن: "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تدركان حجم هذا الأمر".
ويؤكد عبدالسلام محمد، أنه: "إذا تحركت الولايات المتحدة الأمريكية، في عملية عسكرية واسعة جدًّا، بالتعاون مع القوات الشرعية على الأرض، سيفضي ذلك إلى إزاحة الحوثيين عن الساحل الغربي بدرجة رئيسة، وقد يؤدي إلى سقوطه في صنعاء".
إلى ذلك، يقول المحلل السياسي خالد سلمان: "الحقيقة أن المؤشرات جميعها تتجه نحو مواجهة تتسم بالشمول والجذرية، تقودها إسرائيل بشراكة أمريكية".
ويرى سلمان، في حديثه لـ"إرم نيوز"، بأن: "عمليات الجو فقدت قدرتها الردعية، هناك مقاربة مختلفة يجري التوافق عليها، بتحشيد القوى المناهضة للحوثي وتجهيزها عسكريًّا لإمساك الأرض، وفق خطة تكاملية تُستثمر محليًّا بنتائج ضرب أهداف الحوثي عبر القصف المركز النخبوي لأهداف نوعية".
وبحسب سلمان، فإن: "الحوثي يُدرك جيدًا، أن هناك مخططًا عملياتيًّا جاهزًا لدى تل أبيب وبالتشاور مع التحالف الدولي، وأن إعادة إنتاج النموذج اللبناني مطروح على طاولة بنك أهداف الضربة القادمة".
وأشار إلى أن "تحرير الحديدة وتصفية الصفوف المتقدمة للجماعة، تأتي في سياق عملية تؤذي الحوثي وتشل قدراته، وتسقطه كليًّا من معادلة الحرب والسياسة، أي تطيح به كقوة مهيمنة وقادرة على فرض شروطه على طاولة التسوية".
ولفت إلى أن: "اليمن مفتوح على قرار اتخذه الكبار، لإعادة ترتيب الفوضى، وبتر آخر أدوات إيران في منطقة جيوسياسية، تتسم بأهمية قصوى لجهة الأمن الإقليمي والمصالح الدولية".