آخر تحديث :الأحد - 22 ديسمبر 2024 - 02:36 م

كتابات واقلام


السقوط الاخلاقي اخطر على اسرائيل من صواريخ حماس

الثلاثاء - 26 ديسمبر 2023 - الساعة 03:09 م

احمد عقيل باراس
بقلم: احمد عقيل باراس - ارشيف الكاتب


قوة دولة اسرائيل ليس بما تملكه من عتاد واسلحة ولا بالدعم الامريكي اللامحدود الذي تحصل عليه ولا بتدليل المجتمع الدولي لها فلا يوجد مقارنة بينها وبين ماتملكه المقاومة الفلسطينية مجتمعة وليس حماس لوحدها ولا حتى بينها وبين جيرانها لا من حيث التاييد ولا من حيث الاسلحة وهذا التفوق في ميزان القوى بين الطرفين او قل الاطراف جميعا لم يكن جديداً عليها بل متاصل منذ تاسيس هذه الدولة وحتى اليوم ولا نعتقد اننا بحاجة لبرهنة هذا التفوق وتعداده لاثبات صحة كلامنا ... فإلى قبيل الاحداث الاخيرة التي شهدتها غزة لم تكن قوة اسرائيل مطلقاً نابعة من فوهة البندقية التي تحملها ولا من ازيز الطائرات التي تملكها ولا من حداثة الدبابات والمدرعات التي تصنعها ولا من الحماية والتدريب المستمر والحماية الشخصية الذي توفره لجنودها .

قوة اسرائيل الحقيقية وسر تفوقها الدائم على ماسواها من خصومها سوئ داخل حدود دولتها او فيمن جاورها من محيطها الاقليمي حرص قادتها وشعبها معاً في تعاملهم الاخلاقي مع اعدائهم وخصومهم الداخليين والخارجيين واحترامهم ولو شكلياً للنظام والقانون الذي سنوه لانفسهم وتعاملو به حتى مع اعدائهم وجعلوه فيصلاً وحكماً فيما بينهم جميعاً على حد سوا حتى اضحت اسرائيل تمثل انموذجاً فريداً في الوطن العربي لكيفيه التعامل مع الخصوم لدرجة ان اصبحت مضرب للامثال فكان للصور التي كانت تاتينا من اسرائيل وتناولتها معظم وسائل الإعلام حينها بما فيها وسائل الإعلام المعادية لها بالغ الاثر في آخذ هذا الانطباع عنها ففي اذهاننا لازالت عالقة صور كثيرة مازلنا نحتفظ بها تعبر عن قوة اسرائيل الحقيقية منها الصور التي نشرتها وسائل الإعلام لشبان فلسطينيين حاملين بايديهم الحجارة ويقومون بمطاردة جنود اسرائيليين مدججين بالسلاح بينما يفر امامهم هؤلاء الجنود هاربين فكنا نضحك من مفهوم الشجاعة لدى البعض التي راؤها فيمن يحمل الحجر بينما رائها كثيرين ونحن منهم فيمن يحمل السلاح ويفضل الهرب على اطلاق النار كذلك لازلنا نتذكر بعض من المشاهد التي حدثت اثنا احتجاجات الحراك الجنوبي عندما حاول بعض المحتجين رشق جنود من الامن المركزي الذين اتو لتفريقهم رشقهم بالحجارة فمنعهم زملائهم من فعل ذلك خوفاً عليهم من ردة فعل الجنود وبطشهم بهم قائلين لهم انكم لستم في اسرائيل وغيرها كثير من الحوادث التي كانت في مجملها تحسب لصالح اسرائيل المجال هنا لا يتسع لذكرها وكانت جميعها تمثل اساس مصدر قوة اسرائيل .

غير ان قوة اسرائيل هذه والتي ظلت محافظة عليها طوال الفترات الماضية ولم تتاثر اطلاقاً بما يجري حولها من احداث ولا بما يضمره لها محيطها من عداء تخلت عنها اليوم ليحل بدلا عن ذلك روح الانتقام باستخدامها لكل قوتها العسكرية في تدمير وقتل إعداد كبيرة من المواطنين الفلسطينيين في غزة على خلفية احداث 7 اكتوبر التي استهدفت فيها حماس مستوطناتها ولتستعيض ولاول مرة عن قوتها الحقيقية بما تملكه من اسلحة وعتاد لذلك وبرغم القوة المفرطة التي لجاءت اليها اسرائيل اليوم وتفوقها باستخدامها لكافة الات الدمار من مختلف انواع اسلحتها الجديدة والقديمة فانها لم تبدو ضعيفة في يوم من الايام طوال تاريخها مثلما تبدو عليه اليوم من الضعف واذا ما استمرت طويلاً على هذا المنوال فان الخسارة ستتوسع وفي النهاية سيكون الخاسر الاكبر من كل ذلك هو المواطن الاسرائيلي الذي تاخذه حكومة بلده نحو المجهول فما ترتكبه اسرائيل اليوم في غزة يعد بكل المقاييس سقوط اخلاقي للقيم التي تدعي إنها قامت عليها دولتهم وهذا هو الخطر الحقيقي على اسرائيل اخطر بكثير من صواريخ حماس.