آخر تحديث :الأربعاء - 18 ديسمبر 2024 - 08:43 م

كتابات واقلام


الجنوبُ .. معاناةٌ تتفاقمُ وصبرٌ ينفدُ

الأربعاء - 18 ديسمبر 2024 - الساعة 06:37 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


في ظل ظلام المعاناة التي تخيم على الجنوب، تتفاقم الأزمات المعيشية والخدمية يوماً بعد يوم، بينما تبقى الجهات المسؤولة عاجزة عن تقديم أي حلول ملموسة. أصبح الفقر واقعاً لا يرحم الجميع، فالعملة المحلية تنهار بوتيرة مخيفة، والأسعار تواصل ارتفاعها بشكل يرهق المواطن البسيط. الغذاء، الدواء، وأبسط متطلبات الحياة اليومية أصبحت خارج متناول اليد.

وسط هذه الأوضاع، يتساءل المواطن الجنوبي: كيف يمكن البقاء على قيد الحياة براتب شهري لا يتجاوز ستين ألف ريال يمني؟! مبلغ بالكاد يغطي احتياجات يوم واحد، فكيف لشهر بأكمله؟! ولا تقتصر المعاناة على الموظفين الحكوميين، فحتى العاملين بالأجر اليومي يواجهون شبح البطالة، فيما تعاني الأسواق من ركود قاتل بسبب ضعف القدرة الشرائية. المجاعة باتت زائراً ثقيلاً في معظم المنازل، فيما يكافح الشباب من أجل مستقبل يزداد غموضاً مع عجز الأسر عن تغطية تكاليف التعليم الأساسية.

الأزمة لا تقف عند هذا الحد؛ فتكاليف الدراسة الجامعية وأجور المواصلات الباهظة أصبحت عبئاً إضافياً يثقل كاهل الأسر. وبينما يزداد الوضع سوءاً، يتغلغل الفساد كالمرض الخبيث في كافة مؤسسات الدولة، دون رقابة حقيقية أو إجراءات رادعة لمحاسبة المتورطين. ملفات الفساد ما تزال حبيسة الأدراج، والمواطن هو من يدفع الثمن وحده.

*المسؤولية مشتركة*
إن الشرعية تتحمل المسؤولية الكبرى بصفتها المتحكمة الوحيدة بالموارد والمساعدات، لكن المجلس الانتقالي لا يُعفى من المسؤولية، كونه يمثل القضية الجنوبية وشريكاً في السلطة. هذا التداخل بين المسؤوليات دفع المواطن الجنوبي للتساؤل: إلى متى سيستمر هذا التدهور؟

الجوع لا يرحم، والصبر لا يدوم.
كما يُقال، "الجوع كافر"، ومعاناة الناس وصلت إلى حد لا يُحتمل. استمرار هذا الوضع المتأزم ينذر بانفجار شعبي قد تكون عواقبه كارثية.

وفي ظل هذه الأزمات، يُثار الجدل حول "البطاقة الذكية" التي يُقال إنها تحمل مخاطر أمنية وصحية. لماذا الإصرار على تطبيقها، بينما بطاقات الهوية الوطنية متاحة وتفي بالغرض؟! الشائعات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن إمكانية تتبع حاملها أو احتوائها على برمجيات خطيرة تزيد من قلق الشارع الجنوبي.

إن المسؤولية تقع اليوم على عاتق النخب السياسية والثقافية والإعلامية، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، للعمل على مواجهة هذه الأزمات ودعم شعب الجنوب في هذه اللحظة المصيرية.

إنها لحظة حاسمة؛ إما أن يكون الجنوب أو لا يكون. الجنوب يستحق حياةً كريمةً خاليةً من الفقر والفساد، وهذا حق مشروع يسعى أبناؤه لتحقيقه من خلال استعادة دولتهم الحرة والمستقلة ذات السيادة الكاملة.