آخر تحديث :الأربعاء - 18 ديسمبر 2024 - 10:04 م

كتابات واقلام


إسرائيل بملامح عربية (2)

الثلاثاء - 25 يونيو 2024 - الساعة 02:31 م

نزيه مرياش
بقلم: نزيه مرياش - ارشيف الكاتب


تحدثنا في الجزء الأول عن التحالف العربي الإسرائيلي، وعن أهميته لإستمرار الإمبراطورية الغربية في الشرق الأوسط . وفي هذا الجزء سنتحدث عن التطبيع والدمج وأهميتهما للغرب، وعن الإغراءات والطرق الغربية الملتوية التي بها أقنعت العرب وبالذات السعودية لقبول الثلاثة الأهداف .

فقبول السعودية التطبيع والدمج والتحالف الذين فحواهم ينطق بالإعتراف بإسرائيل، قدمت أمريكا وبريطانيا لسعودية عدة إغراءات من ضمنها ألتزامهما بمعاهدة دفاع مع السعودية، وتزويدها بمفاعلات نووية مدنية وأسلحة غير معدلة ورقائق متقدمة لتطوير الذكاء الاصطناعي، على أن تحد السعودية من مشاركة الصين في قطاعات حساسة مثل التكنولوجيا الفائقة . إلى جانب هذه الإغراءات إلزام إسرائيل بشروط السعودية من إنهاء الحرب في غزة وإبرام صفقة تبادل الأسرى مع حماس، والإعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل إسرائيل التي رفضت شرط الإعتراف رفضاً تاماً . هذه الشروط التي السعودية توهم بها المجتمع العربي والإسلامي، بأنهم السبب الرئيسي في قبولها التطبيع والدمج والتحالف مع إسرائيل حتى تنقذ الشعب الفلسطيني من الحرب ، علماً انه المبرر والعذر ( بنظر آل سعود ) الذي سيحفظ ماء وجه آل سعود بين الدول العربية والإسلامية .

أما الدمج والتطبيع، الذي تراه أمريكا وبريطانيا الحل المستقبلي لعدم قدرتهما على إستمرار الدعم بمختلف أشكاله للمحتل الصهيوني، فهو يمثل شريان الروح الذي سيُغذي الجسد الإسرائيلي . فبحكم أن إسرائيل دولة مصنعه حالها كحال كثيراً من الدول، ولكنها تحتاج إلى سوق ومستهلك لبضائعها التي لن تجد مستهلك في العالم أفضل من الدول العربية، وبذلك ستستغني إسرائيل عن الدعم اللأمتناهي من أمريكا وبريطانيا اللتان ستكونان عاجزتان عن ذلك مستقبلاً .
أما الطرق التهديدية والإبتزازية والخداعية والتمثيلية الغربية، التي أستخدمها الغرب لجعل العرب يلهثوا وبلهفة نحو التطبيع والدمج والتحالف العسسكري مع إسرائيل، فهي السياسة البريطانية الماكرة وبأذرع أمريكية إيرانية التي طوقت الدول الخليجية السنية بالكماشة الشيعية . وذلك عبر وكلاء إيران المتمثلين ليس فقط بالحوثي الذي أمريكا وبريطانيا سمحوا له دخول صنعاء برداً وسلاماً، والذي بواسطة إتفاق استكهولم تم منع المقاومة الجنوبية من إستكمال تحرير الحديدة منه، بل أيضاً بالحشد الشعبي الشيعي الذي سُلمت له العراق، وأيضاً حزب الله والحرس الثوري الشيعيان اللذان تم توطينها في كُلاً من سوريا ولبنان .
وإلى جانب تهويل تطويق الخليجين بالمد الشيعي، أستخدمت السياسية الغربية لعبة المماطلة والأكشن القطني بين إسرائيل وإيران ، لإقناع دول الخليج بالتطبيع والدمج والتحالف العسسكري، وذلك عبر إعلامهم الماكر الذي ليس فقط أنتج فلم أكشن بأعيرة قطنية بين إيران وإسرائيل، لإقناع الخليج بمدى هول وحجم العداء بين إسرائيل وإيران . بل أيضاً إخراج مسرحية التي قسمت مشاهدها بين نزول مفتشين، وفرض عقوبات ولقاءات وإجتماعات للوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران، التي رغم ظهور أدلة دامغة بتخصيبها اليورانيوم، ولكن لم يُشن عليها حرب من 32 دولة، حالها كحال العراق الذي أثبت أنه لايملك أسلحة الدمار الشامل .

وفي سبيل الغاية تبرر الوسيلة، نجد أن ورغم إختلاف الأماكن وطرق الهجوم وعدد القتلى والجرحى وزمن الحادثتين، ولكن أهداف ومصالح وأطماع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل قد تحققت وبسرعة البرق . حيث أستغلت أمريكا حادثة 11 من سبتمبر 2001م ( حادثة برجي التجارة العالمية ) لتنشر أساطيلها، وتبتز الدول العربية بذريعة مكافحة الإرهاب، كذلك أستغلت إسرائيل حادثة 7 اكتوبر للإسراع بالتطبيع والدمج وتشكيل التحالف العسكري، بفترة وجيزة وبذريعة وقف حرب غزة والتفاوض مع حماس، ولربما أفتعلت أمريكا وبريطانيا وبمعية إسرائيل الحادثتان، بإستخدام مصطلح سياسي يطلق عليه إفتعال الأزمات، لتحقيق الأهداف والمخططات القديمة في المستقبل وبفترة وجيزة .

فهل سيأتي يوماً ويتجمل وجه إسرائيل بملامح عربية لتترأس قمة الجامعة العربية ؟! ...