آخر تحديث :الأحد - 24 نوفمبر 2024 - 08:19 ص

كتابات واقلام


14أكتوبر .. قصة كفاح جنوبية

الجمعة - 11 أكتوبر 2024 - الساعة 05:56 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


سيحتفل شعبنا الجنوبي الأبي يوم الاثنين القادم 2024/10/14 بالعيد الوطني الحادي والستين لانطلاقة ثورة 14 أكتوبر المجيدة 1963م، تلك الثورة التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشماء في مواجهة إحدى أقوى القوى الاستعمارية في التاريخ، الاحتلال البريطاني، الذي جثم على أرض جنوبنا الغالي لأكثر من 129 عامًا. لم تكن ثورة أكتوبر مجرد حدث عابر، بل كانت رمزًا لإرادة لا تنكسر، وإصرارًا على تحرير الجنوب العربي مهما كانت التضحيات. وقد سطر أبطالها ملاحم نضالية امتدت لأربع سنوات، قدم خلالها شعبنا قوافل من الشهداء والجرحى، وكان الشهيد الأول هو البطل راجح بن غالب لبوزة - عليه رحمة الله - ومعه جميع شهداء الجنوب الذين رسموا بدمائهم الطاهرة طريق الحرية.

اليوم ونحن نعيش هذا النصر التاريخي العظيم، يجب علينا أن نستعيد ذكريات تلك الثورة ونستلهم من معانيها ودروسها، خاصة لأبناء وأحفاد مناضلي ثورة 14 أكتوبر. هؤلاء الرجال الذين حملوا أرواحهم على أكفهم لم يسعَ أحد منهم إلى المناصب أو المكاسب المادية بعد التحرير؛ بل كان هدفهم الأول والأخير هو طرد الاحتلال واستعادة الكرامة والسيادة. كانوا رموزًا للتضحية والعطاء، مجردين من الأنانية، حيث اقتسموا بينهم القليل من الخبز والماء بالتساوي في كل جبهات القتال، إخوانًا في السلاح، متحدين في الهدف، يجمعهم حب الجنوب والانتماء له.

لم يكن بينهم تفرقة مناطقية أو قبلية، بل كان كل واحد منهم يتسابق ليكون الشهيد التالي، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا. لقد صنعوا معجزة النصر رغم شح الإمكانيات، في مواجهة قوة عسكرية هائلة تسيطر على البر والبحر والجو، لكن بإرادتهم التي لا تعرف المستحيل، وصمودهم، والتفاف الشعب حولهم، انتصر الجنوب وحقق الحرية.

فهل نتعلم اليوم من تلك الروح الأصيلة، ومن المواقف البطولية التي سطرها أبطال ثورة 14 أكتوبر المجيدة؟ إنها دعوة صادقة إلى كل شباب الجنوب، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، ليتحدوا بروح واحدة نحو مستقبل مشرق، والله على ما نقول شهيد.

إن الاحتفاء بذكرى ثورة 14 أكتوبر ليس مجرد تذكير بأحداث مضت، بل هو استحضار لقيم الصمود والعزة والشجاعة التي جسدها أبطال الثورة في كل ميادين النضال. ونحن اليوم، بعد مرور 61 عامًا على تلك الثورة العظيمة، مدعوون جميعًا، شعبًا وقيادةً، إلى تعزيز وحدتنا وتكاتفنا لحماية مكتسبات الثورة، والمضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها آباؤنا وأجدادنا. فالثورة لا تنتهي بتحقيق النصر على الاستعمار، بل تستمر بالتزامنا بتحقيق التنمية والعدالة والكرامة لكل أبناء الجنوب.