آخر تحديث :الثلاثاء - 24 ديسمبر 2024 - 09:39 م

كتابات واقلام


معاناة المعلمين مأساة حقيقية تحتاج إلى حل جذري

السبت - 02 نوفمبر 2024 - الساعة 05:51 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


شاهدت مقطعًا لممثل كوميدي يمثل دور عامل في بوفيه أو مطعم شعبي، وكان الهدف الظاهر منه هو إثارة الضحك لدى المشاهد البسيط. لكنني شعرت بحزنٍ عميق، لفهمي الرسالة الكامنة خلف هذا المشهد الكوميدي، والتي تعكس ألمًا كبيرًا يعبر عن معاناة المعلمين في بلادنا؛ هذا الوطن الذي أرهقته الأيام والسياسات.

كم من معلم ترك مهنته الشريفة، التي كانت بالأمس القريب محل فخره واعتزازه، وخرج عدد كبير من خريجي مطلع الألفية ليس بسبب فشلهم، بل لأن الرواتب التي يحصلون عليها أصبحت ضئيلة؛ تتراوح بين 34 ألف ريال يمني و50 الى 80 ألفًا، ما يعادل مائة او مائة وثلاثين ريال سعودي. هذا المبلغ الذي يُعدّ في السعودية مجرد ثمن لشراء بعض الحلوى أو المكسرات في يوم استلام الراتب. فكيف يمكن للمعلم اليمني أن يصمد ويعلّم ويبني أجيالًا وهو في هذا الوضع البائس؟

اليوم، لا يمكن بأي حال من الأحوال التغاضي عن معاناة المعلمين، ولا ينبغي للحكومة أو القيادات أن تظل مكتوفة الأيدي أمام آلامهم وحقوقهم التي تُسلب بمرأى ومسمع الجميع. المعلمون في بلادنا يُذلّون ويُجبرون على التخلي عن مكانتهم في سبيل لقمة العيش، بعدما أُغلقت في وجوههم سبل العيش الكريم وحرمتهم الظروف من أبسط حقوقهم الوظيفية. هؤلاء الذين كان يُفترض أن يكونوا رُسُل العلم وصناع المستقبل، تحولوا إلى عاملين في الشوارع وعلى الأرصفة، يكافحون لإعالة أسرهم بعد أن خذلتهم السياسات والوعود.

هذا الممثل الذي استطاع تجسيد مأساة حقيقية ونقل رسالة تفيض بالحزن والأسى عن واقع المعلمين والمعلمات، والتربويين والأكاديميين، وعن كل أبناء الشعب اليمني الذين تلاشت أمامهم الأحلام وتضاءل الأمل.

نحن في وطننا لا نبحث عن صدقات، ولا نسعى للتسول. لسنا بحاجة إلى سلال غذائية توزعها المنظمات الدولية لتهيننا مقابل لقيمات لا تسمن ولا تغني من جوع. في أرضنا خيرات وموارد، وقد كنا قبل عقد أو عقدين نعيش في خير وأمان دون الحاجة إلى مد اليد لأي جهة. ما نحتاجه هو إدارة حكيمة وقيادة صادقة تعمل على استعادة كرامتنا وتوجيه الموارد لمصلحة الشعب.

نأمل اليوم أن تسعى الحكومة، بقيادة أحمد عوض بن مبارك، والمطالبة بدعم من التحالف العربي، خاصة من السعودية والإمارات، إلى تحسين إدارة موارد البلاد ، وتوجيهها بشكل أكثر فعالية نحو رفع مستوى المعيشة وتخفيف معاناة الشعب. فالتطلعات تتجه نحو خطوات عملية تعزز من قدرات الدولة، وتعيد الأمل في قلوب أرهقها البؤس وطال انتظارها لتحسين الظروف المعيشية.

في الختام، لا بد من تذكير جميع الأطراف بأهمية دور المعلم في بناء أجيال واعية، قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. فإذا كانت الشعوب ترتقي بعلمائها ومربيها، فإن واجب الحكومة هو صون حقوقهم وكرامتهم، وتأمين العيش الكريم لهم. لن تكون هناك نهضة حقيقية دون تعليم قوي، ولن يكون هناك تعليم قوي ما دام معلمونا يعيشون في ظروف لا تليق بدورهم السامي. إن الاهتمام بمعاناة المعلمين هو الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا لوطننا.