آخر تحديث :الأربعاء - 18 سبتمبر 2024 - 03:40 م

منوعات


الفنان الكبير فيصل علوي

السبت - 14 سبتمبر 2024 - 11:43 م بتوقيت عدن

الفنان الكبير فيصل علوي

كتب / الدكتور عارف محمد عباد السقاف


لم تلد أرض لحج فناناً وعازفاً رائعاً بحجم فيصل علوي. فقد كان علامة فارقة في تاريخ الفن اليمني والخليجي، حيث جمع فيصل علوي بين موهبة الغناء الساحر وإتقان العزف على العود بأسلوب فريد لا يُضاهى. صوته الشجي، الممزوج بالحنين والشجن، كان ينساب إلى قلوب محبيه دون عناء، وكان حضوره على المسرح أو حفلات الزواج أو في التلفزيون يخلق حالة من السحر والبهجة و السرور في قلوب محبيه و في كل مناسبة يحييها.

فيصل علوي لم يكن فقط فناناً، بل كان رمزاً للتراث اللحجي و الأغنية اللحجية، حيث استطاع أن يبرز جماليات الفن الشعبي و يخلدها للأجيال القادمة. الحضور إلى هذه الاحتفالات كان دائماً كبيراً، حيث كان الجمهور يتوافد للاستمتاع بصوته وأدائه الذي يأسر القلوب ويجعل الجميع يعيش اللحظة وتسمع زغاريط (محجرة) النساء من خلف ستار المخادر بصوت يبث السرور والنشوة.
وعن شعبيته، قال المرحوم الخواجة: " يا فيصل انته نغمك و حلاوتك يرجع عدوك تحت مداعسك، اللي يسمع نغمك يقول أنا مع فيصل علوي" ، في إشارة إلى الكاريزما الطاغية التي كان يتمتع بها، والتي جعلت حتى من لا يتفق معه يُقَر بقيمته و جاذبيته الفنية رحمه الله.كان الجميع يتهافتون وياتون من كل حذب و صوب للاستمتاع بصوت فيصل علوي وأدائه الذي لا مثيل له، ليعيشوا لحظات لا تُنسى.
كان عزفه مميزاً للغاية، إذ اتسم بلمسة فنية فريدة وأسلوب مبتكر في التعامل مع آلة العود. نغماته كانت تنبض بالحياة، حيث استطاع بمهارته العالية أن يجمع بين التقاليد والحداثة في عزفه، ليقدم أداءً يلامس القلوب ويأسر الأرواح. كل نغمة من عوده كانت تحمل سحراً خاصاً، مما جعله من أبرز العازفين في الساحة الفنية اليمنية والخليجية.
فيصل علوي، الذي بدأ مشواره الفني بأغنيته "أسالك بالحب يا فاتن جميل"، تغنى بأشعار كبار الشعراء مثل الأمير أحمد فضل القمندان، عبدالله هادي سبيت، صالح نصيب، والأمير عبده عبدالكريم، وغيرهم من الشعراء الكبار ليُخلد كلماتهم بأدائه الفريد.

أتقن الفنان فيصل علوي العديد من الأنماط الغنائية، منها اللحجي، اليافعي، الصنعاني، الحضرمي، والخليجي، مما جعله فناناً شاملاً قادراً على التنقل بين مختلف الألوان الموسيقية بكل سلاسة. كان يمتلك قدرة فريدة على إبراز جماليات كل نمط موسيقي، مما جعله يحظى بشعبية واسعة في مختلف الأوساط الفنية، سواء داخل اليمن أو في الخليج العربي. تمكن فيصل علوي من جمع التراث الموسيقي اليمني والخليجي في مسيرته، ليصبح رمزاً فنياً يجمع بين الأصالة والتنوع.

وفاة فيصل علوي في 7 فبراير 2010 كانت خسارة كبيرة، لكنه لا يزال حاضراً في ذاكرة محبيه، ويظل فنه وطابعه الخاص في الغناء و صوته وعوده يشكلان جزءاً لا يتجزأ من التراث الفني في لحج والتراث اليمني ككل.
رحم الله ابو باسل و اسكنه فسيح جناته.

كتب: د/ عارف محمد عباد السقاف