في خضم الأزمات المتعددة التي يواجهها اليمن، يتردد اسم الدعم المالي السعودي كحل من الحلول المقترحة لمساعدة الحكومة اليمنية وبنك عدن في مواجهة عجز الموازنة العامة وصرف مرتبات موظفي الدولة. ومع اقتراب الحديث عن تقديم مليار دولار كمنحة تعزيزية، تتعمق التساؤلات حول مدى جدوى هذا الدعم، وما إذا كانت هذه الحلول مؤقتة أم أنها مجرد إعلانات إعلامية تهدف إلى تخويف الصرافين والمواطنين.
يُظهر التاريخ أن الدعم المالي المُقدم في ظل انقسام مؤسسات الدولة اليمنية لا يُعتبر حلاً جذريًا، بل هو مجرد مسكنات تُستخدم لتحسين الصورة العامة دون معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة الاقتصادية. فعلى الرغم من الوعود بانخفاض الدولار لفترة قصيرة، فإنه سرعان ما سيعود للصعود، مما سيؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي مستمر.
إن أي دعم مالي يُقدّم للبنك المركزي أو للحكومة في الوضع الراهن يعتبر بلا قيمة حقيقية. فكيف يمكن أن نتوقع نتائج إيجابية في ظل مؤسسات ممزقة وموارد مشوشة؟ الدعم يُتوقع أن يصل خزينة البنك، ولكن الواقع يقول إنه سيتسرّب إلى الصرافات الخاصة وحسابات المسؤولين، ليستفيد منه الأثرياء أكثر من الفقراء.
في السيناريو الحالي، أي دعم مالي يعني بالطبع المزيد من الفيلات في الخارج، أو حتى مصانع جديدة لشخصيات سياسية. بينما يستمر الشعب في مواجهة ازدياد الأسعار وإشعارات ارتفاع الصرف دون أي تحسن ملحوظ في مستوى المعيشة.
إن الواقع الذي نعيشه يكشف أن أي دولة لن تقدم دعمًا ماليًا للشرعية في ظل هذا الفشل الواضح في الالتزام بشروط الإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والحد من النفقات. فلا يمكن استغلال الأموال العامة إلا من خلال وجود بنية تحتية تتسم بالشفافية والمساءلة.
من هنا، نؤكد على أهمية إصلاح الخلل القائم في مؤسسات الدولة وضبط مواردها قبل التعاطي مع أي مساعدة مالية. يجب تفعيل دور الرقابة والمحاسبة بشكل فعّال، وإشراك المجتمع المدني في هذه العملية لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي.
اللهم، نسألك أن تنقذ بلادنا من الفساد، وأن توحد جهود المسؤولين نحو ما فيه خير الشعب. اللهم، ارحم المحتاجين واغفر لنا ولهم، واجعل سلامك ينزل على أرض اليمن. آمين.