يقول سياسيون أنخ لطالما كانت المعضلة اليمنية في السنوات الأخيرة محاولة تحويل كل حدث إلى "ثورة"، بينما تتكشف الحقائق كخطوات متأخرة لتصحيح أخطاء جسيمة تسببت بكوارث وطنية، المثال الأبرز هو ما حدث في 2 ديسمبر، حين أقدم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وأتباعه على ما وصفه البعض بـ"ثورة"، لكنه في الحقيقة لم يكن سوى محاولة يائسة للخروج من مأزق صنعه بنفسه.
وفي ذلك اليوم، كان صالح محاصراً في منزله بحي السبعين، بعد أن فقد سيطرته على البلاد لصالح الحوثيين الذين دعمهم وساعدهم في الوصول إلى صنعاء، في خطوة جاءت متأخرة جداً بعد أن أصبحت البلاد غارقة في صراعات دموية ومعاناة إنسانية خانقة.
تواطؤ لا ثورة
ولا يخدم تلميع الأخطاء السياسية ووصفها بـ"ثورات" سوى زيادة تعقيد المشهد اليمني، ففي عهد علي عبدالله صالح، اخترق الهاشميون الدولة والمؤتمر الشعبي العام بدعم مباشر منه، مما سمح للحوثيين بالسيطرة على صنعاء. والأسوأ، أنه لم يكتفِ بهذا الدور، بل تحالف معهم لاجتياح الجنوب مجدداً، في خطوة عززت الانقسام وأججت الأزمات.
أزمة قيادة ومسؤولية
وما يحتاجه اليمن اليوم ليس إعادة كتابة التاريخ أو صناعة بطولات وهمية، بل مواجهة الحقائق بجرأة والعمل على بناء حلول حقيقية، فالاعتراف بالأخطاء، سواء من طرف صالح أو غيره، هو الخطوة الأولى نحو التصحيح اما استمرار مسلسل الديناميكية القائمة على المصالح الشخصية والتلاعب بالشعارات الوطنية سيبقي اليمن عالقاً في دوامة الصراعات والانقسامات.
وبات اليوم واضحاً أن "الثورات" لا تهدف سوى لإنقاذ المصالح الشخصية لا تبني أوطاناً، بل تكرس الانهيار، في حين أن اليمن يحتاج إلى قيادة تعيد الاعتبار للوطنية الحقيقية، بدلاً من استغلال الشعارات وإعادة تدوير الأخطاء في مشهد سياسي مشحون ومأزوم.