آخر تحديث :السبت - 21 ديسمبر 2024 - 06:00 م

كتابات واقلام


أنتهت.. الحرب في اليمن

السبت - 01 أكتوبر 2022 - الساعة 07:43 م

احمد سعيد كرامة
بقلم: احمد سعيد كرامة - ارشيف الكاتب


قبل عدة سنوات تقريبآ صرحت بأن الحرب في اليمن توقفت أو أنتهت ، وتحديدا بعد توقف المعارك والانسحاب العسكري من مشارف ميناء الحديدة وتسليمه رسميا لمليشيات الحوثي ، وكان هذا أكبر خطأ عسكري إستراتيجي فادح وجسيم ، يرتكبه التحالف العربي بقيادة السعودية ، أنصاع التحالف حينها لضغوطات كبيرة من قبل الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي.

ما حدث ويحدث بعد نكسة ونكبة ميناء الحديدة رئة مليشات الحوثي التي يتنفس بها ومن خلالها ، هي عمليات عسكرية محدودة لكسب أوراق ونقاط ضغط لصالح هذا الفريق أو ذاك ، من أجل تحقيق مكاسب على الأرض تضعف هذا الفريق أو ذاك وتجبره على تنفيذ شروط ومطالب المنتصر في حرب اليمن ، معرفة من المنتصر ومن المهزوم في حرب اليمن سهلة جدا ، من خلال هل حقق هذا الطرف أو ذاك أهدافه العسكرية وترجمها إلى إنتصارات عسكرية وسياسية ودبلوماسية ، أم أخفق في تحقيقها ، الاخفاق يعني فشل وهزيمة بالعرف العسكري والأمني.

مشاركة القوات المسلحة الإماراتية بالتحالف العربي قلل من الخسائر العسكرية الفادحة للتحالف العربي ، كان مسرح عمليات القوات الإماراتية هو رأس حربة الانتصارات العسكرية بوقت قياسي في جميع الجبهات التي شاركت فيها ، في جنوب اليمن أو حتى في شماله كمأرب وغيرها.

لو كانت المملكة العربية السعودية سلمت قيادة التحالف العربي للإمارات عسكريا ، كان الوضع القائم غير هذا الوضع ، لكن للأسف الشديد أصرت المملكة على فرض رؤيتها ومصلحتها على باقي التحالف العربي دون تقييم لنتائج تلك الأخطاء العسكرية القاتلة في عاصفتي الحزم والأمل.

كان لقائد القوات البرية الملكية السابق الامير فهد بن تركي النصيب الأكبر في هزائم مسرح عمليات القوات السعودية في المناطق الشمالية تحديدا ، وكان التركي محل خلاف كبير بين الإماراتيين والسعوديين بسبب أدائه العسكري الكارثي في المناطق الشمالية ، ولهذا تمت إقالته وتعيينه قائدا للقوات المشتركة للتحالف العربي بعد خراب مالطا ، وبعدها إتهامه بقضايا فساد في حرب اليمن.

لو لم تشارك القوات المسلحة الإماراتية في التحالف العربي لما كان هناك مناطق محررة بالكامل في جنوب اليمن أو حتى في شماله ، بل كنا سندخل في سيناريوا كارثي من خلال سقوط مناطق سعودية حدودية وغير حدودية بيد مليشيات الحوثي ، وبالتالي كان وضعنا الراهن سيختلف كليا عن هذا الوضع القائم رغم فداحته .

للأسف الشديد كان الضغط السعودي على الإمارات كبير جدا جدا ، إلى حد تسليم الساحل الغربي للحديدة لقيادة سعودية والانسحاب الإماراتي من العند وعدن ، وكذا إنسحاب القوات المشتركة بالساحل الغربي لأكثر من 120كم وتسليمها للحوثي ، بدون أن تقدم مليشيات الحوثي أي مقابل عسكري أو حتى سياسي أو دبلوماسي جراء تلك الانسحابات المذلة من قبل التحالف العربي .

كل ما أسردته من تحليل ، الغرض منه هو أن المملكة وصلت لقناعة تامة بوقف الحرب في اليمن والخروج من هذا المستنقع اليمني الخطير بأي ثمن ، وهذا ما شجع مليشيات الحوثي على التعنت وعدم تقديم أي تنازلات حقيقية للمملكة ، لأنها فرطت بأوراقها الضاغطة على الأرض دون أن تجبر الحوثي على تقديم ما يقابله لتلك التنازلات المؤلمة والمذلة .

أصبح التحالف يفكر الان كيف يوقف مسيرات وباليستي الحوثي عن منشأته الحيوية ومدنه ، دون أن يكلف التحالف نفسه بالبحث عن نقاط ضعف الحوثي وإستغلالها كأداة ردع لأي إستهداف من قبل الحوثي على منشأته ومدنه مستقبلا .

كان بإمكان التحالف تزويد قوات جنوبية خاصة بسلاح نوعي فتاك كصواريخ باليستية متوسطة وقصيرة المدى ، وأنظمة دفاع جوي وطائرات مسيرة مختلفة المدى والأحجام للردع والرد على أي تهديد حوثي على التحالف أو الأراضي الجنوبية المحررة .

لكنها سياسة المملكة البيروقراطية العتيقة هي من أوصلتها إلى هذا المأزق الخطير جدا على أمنها القومي ومكانتها وسلامة أراضيها وإستقرارها ، على المملكة الكف عن سماع وطاعة الشرعية اليمنية المهترئة المنهزمة دائمآ وأبدا ، والتي ينحصر جل تفكيرها بالسيطرة على الاراضي الجنوبية المحررة بإسم الوحدة اليمنية اللعينة ، فثمان سنوات كانت كافية لكي تصحح المملكة مسارها الخاطئ وتقييم نتائج سياساتها الكارثية والمدمرة .

أصبح الخلاف حاليآ بين الحوثي والمملكة على تمديد الهدنة بسبب رواتب الموظفين المدنيين بحسب كشوفات 2014 م ، وهناك خوف وجدل كبير حول قيام الحوثي بعملية إحلال كبيرة لعناصره على حساب موظفين سابقين ، وبالتالي ستذهب المملكة إلى مأزق كبير وخطير عند تسليم الرواتب وظهور تظلمات من قبل من تم الاحلال بدل عنهم .