آخر تحديث :الخميس - 12 سبتمبر 2024 - 08:06 ص

كتابات واقلام


مفهوم الدولة لدى كل من الجنوب والشمال

الأحد - 18 أغسطس 2024 - الساعة 11:49 م

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


دولة الشمال اتت نتاج لارث الاستعمار التركي بمزيج من نمط الحكم الامامي مع تاثير البيروقراطيه الإدارية المصرية عمادها الاساسي القبيله والطائفة اما دولة الجنوب فهي نتاج لإرث الاستعمار البريطاني الذي تأصل في عدن عبر الادارة المدنية وانتشر لتأسيس واحات مدنية في سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب وركيزته الأساسية النظام والقانون واستمر كل منهما في حاضنته ولم يشكلا يوما إرثا وطنيا واحدا وفي الواقع وجد مفهومان مختلفان لنظام الدولة احداهما يرتكز على النظام القبلي الديني الطائفي والآخر على النظام المدني المرتكز على النظام والقانون فهذا الاختلاف الجذري بين نظامي الشمال والجنوب تغافل عنهما عند التفاوض حول الوحدة بين الدولتين المتفاوضون وهما يعرفان عمق الاختلاف الجذري في السياسات والاقتصاد وكذا الثقافات وغيرها وكل هذه الاختلافات والتناقضات شكلا بعد الوحدة عائق كبير امامها وهذا ما أثبتته التجربة العملية التي فشلت فشلا ذريعا منذ اليوم الاول وتحولت إلى كارثة ومأساة يتجرعها الى اليوم الشعبين الشمالي والجنوبي على حد سواء.

تعتبر الدولة في الشمال كأنها ملكية شخصيه يتصرف فيها المسؤل الشمالي دون التفريق بين ما هو عام وما هو خاص وبالتالي لا يفرق بين الحلال والحرام ومع الأسف وبطول فترة الاحتلال للجنوب انتقل هذا المرض الى المسؤلين في الجنوب واصبح الكثير من الجنوبيين يتصرفون في شؤن مسؤولياتهم وكانها ملكية شخصيه لا فرق بين العام والخاص ولا الحلال والحرام.

لو كانت هناك دولة في الشمال لما شنت حرب عام 94 م على الجنوب وما كانت ستسمح اصدار فتوى بقتل الجنوبيين ومصادرة ممتلكاتهم ولا سمحت للعناصر الارهابية ان تدخل ضمن قوام الجيش والامن السياسي الشمالي وما سمحت لقادة الاخوان المسلمين المعارضين لقيام الوحده بشن حملات ضد الجنوب الذي وصفوه بالكافر ولو كانت هناك دوله في الشمال لما سمح للرعاع بنهب عدن وتشليح كل مؤسسات الدوله الجنوبية ولو كانت هناك دوله ستحافظ على ممتلكات الدوله الجنوبية والملكيات الخاصة من النهب والمصادرة. فهذه النماذج تدل دلالة قاطعة بان الشمال مستحيل يقيم دوله ولو على المدى المنظور وكل الاجراءات التي لحقت احتلال الجنوب اكبر دليل على ما نقول حيث تم تعميم انموذج النظام الشمالي على كامل الجنوب بعد ان تم تدمير مؤسسات دولة الجنوب السياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية وحتى تعميم الثقافة واثارت النعرات القبلية والثأرات وكذا زرع الارهاب عبر القاعدة واخواتها.

الغيت الشراكة بين الجنوب والشمال بحرب 94 م واصبح نظام الجمهورية العربية اليمنية هو السائد واعطي حيز للاخوان المسلمين في كل مفاصل الدوله مقابل اشتراكهم بالإطاحة بالجنوب وتضخم الفساد حتى اصبح يزاحم بعضه البعض وانفجرت الخلافات الحادة بين الموتمر والإصلاح وجاء الربيع العربي وصار ما صار
من تحالفات انتهت بالانقلاب على الشرعية بتحالف.عفاش مع الحوثيين وعندها سقطت الدوله الهشه في اول اختبار سياسي وتحولت كل اجهزة الدوله المدنية والعسكرية إلى اداة بيد النظام السلالي والطائفي الجديد واصبحت اكثر هشاشة وفسادا لا تستند إلى اية قوانين وضعيه وتزعم انها تستمد سلطتها من التمكين الإلهي السؤال كيف يمكن التفاهم مع هكذا نظام الذي يستلم الالهام من السماء ويبني نظاما سلالياً عنصريا وبالمقابل انتقلت الشرعية إلى الجنوب وحاولت بناء دولة الاخوان إلا أنها فشلت وتم استبدالها لتكرار محاولة بناء دولة المؤتمر عبر تفكيك الانتقالي في الجنوب ومع الأسف تحظى بدعم اقليمي ودولي ومع ذلك ترفع شعار استعادة الدوله الضائعه لكنها في الواقع لا تعمل شيىء غير اختطاف الحنوب … والمفارقة العجيبة بان انقلابي صنعاء والشرعية يجمعهما قاسم مشترك هو احتلال الجنوب في الأعوام 94 م و2015 و2019.

الحرب افرزت واقع سياسي وعسكري على الارض حوثي مسيطر على اجزاء واسعه من الجمهوريه العربية اليمنية وانتقالي مسيطر على معظم اراضي الجنوب وهناك نتؤات في مارب وتعز والمخاء تسيطر عليها قوى شمالية وهناك اراضي في الساحل الغربي حررتها القوات الجنوبية والسؤال هنا كيف يعترف الاقليم والعالم بالحوثي ويتفاوض معه كقوة مسيطره ولكنه لا يعترف بالمجلس الانتقالي المسيطر على معظم اراضي الجنوب ولم يقبل التفاوض معه بينما يضع الشرعية كند للحوثي والتي ليس لها وجود على ارض الواقع.

اظهرت خارطة الطريق المزمع فرضها بانها تسير نحو تسوية بين الانقلابيين والشرعية بعيدا عن الجنوب الذي عليه وفقا لهذه الخارطة ان ينتظر إلى ان تتم التسوية بينهما وتعود مياههم إلى مجاريها ومع ابقاء الجنوب رهينه بيد الشرعية دون تحديد سقف زمني للانتظار مع العلم بان الحوثي لن يسلم السلطة ولن يقبل بشراكه مع احد ومن ياتي اليه سيكون تحت لواء زعيم الثورة ويحاول المزايدة على الوحدة من خلال رفع لوائها لكسب الرأي العام في مناطق سيطرته وسيدخل البلاد والعباد في حروب لا نهاية لها ولن يقف في مواجهته غير الحنوب اما الشرعية لا علاقه لها بشيىء غير انها تستفيد وتقطف ثمار نصر الجنوب.

تحت الطاولات تجري تفاوضات متعددة المحاور بين القوى اليمنية الحوثي والاخوان المسلمين وحتى الشرعية وبقية القوى من الاحزاب القومية على ايجاد توليفه للحكم وتحاول تجر في قاطرتها بعض القوى الجنوبية المنتفعة من الاحتلال الشمالي للجنوب وكل ذلك سيكون على حساب الجنوب ولهذا اصبح من الواجب والضروري ان تستفيق كل القوى الجنوبية من سباتها وان يعاد اصلاح اللحمة الجنوبية من خلال مبادرة جديدة تضمن وقوف كل قوى الجنوب صفا واحداً لمواجهة هذا الغطرسه واللف والدوران التي تقوم به القوى السياسية اليمنية والذي همها الوحيد هو اعادة الجنوب إلى باب اليمن.

لا يوجد طريق آخر لدى الجنوبيين إلا ايجاد صيغه جديده من رص الصفوف والتفاهم حول مستقبل الجنوب واخذ مواقف صارمه وخاصه وقد انكشفت كل النوايا المبيتة حول مصير الحنوب من قبل كافة القوى السياسية والقبلية اليمنية وفي نفس الوقت اظهار وحدة الجنوبيين لافشال اية مؤامرات اخرى لاعادة الجنوب إلى باب اليمن.

الاستعجال في فرض تسوية من قبل الاقليم. والعالم وهم يعرفون انها غير قابله للتطبيق بحكم انهم انحرفوا عن الطريق الصحيح وذهبوا بمسارات اخرى لا تلبي متطلبات وشروط التسوية الآمنة والمستدامة وكان مدخلهم ان يتم تقسيم الثروة بين الانقلابيين والشرعية الهاربة وهم بهذا يقصدون ثروات الجنوب وتناسوا بان هذه الثروات ليست ملك الاقليم والعالم ولكنها ملك شعب الحنوب وهو من يقرر كيف سيتم استثمارها ولن يقبل شعب الحنوب استبدال ثرواته مقابل وجبه مكونه من روتي وفاصوليا فمفتاح الحل هو مساعدة الجنوب والشمال على بناء دولتيها كل على الطريقه التي يراها كل منهما فالجنوب لا يستطيع العيش بدون دولة النظام والقانون.

قاسم عبدالرب العفيف
17/8/2024