آخر تحديث :الخميس - 31 أكتوبر 2024 - 08:27 م

كتابات واقلام


ظاهرة الطعن في رجال الدين وأثرها على المجتمع

الخميس - 31 أكتوبر 2024 - الساعة 05:48 م

علاء العبدلي
بقلم: علاء العبدلي - ارشيف الكاتب


تعد ظاهرة الطعن في المطاوعة، أي رجال الدين، من الظواهر المقلقة التي بدأت تأخذ حيزاً كبيراً في المجتمع. وللأسف، نجد أن العديد ممن يتبنون هذا الطعن لا يملكون أدنى معرفة بالدين أو أخلاقياته، بل إنهم غالباً ما يكونون بعيدين كل البعد عن المبادئ والقيم الإسلامية. إن ما يدهش في هذه الظاهرة هو أن أولئك الذين يسارعون إلى نعت رجال الدين بالكاذبين أو المتاجرين بالدين لا يترددون في انتقاد الآخرين، في حين أنهم أنفسهم قد يكونون في قاع الخطايا والذنوب.

عندما ننظر إلى المطاوعة، يجب أن نتذكر أنهم بشر، ليسوا ملائكة، مما يعني أنهم غير معصومين من الخطأ. هم أناس يسعون جاهدين لتطبيق تعاليم الدين، يبذلون جهوداً كبيرة في العبادة ويعملون على نشر الوعي بين الناس. يسعون إلى تحسين أنفسهم وتحقيق رضا الله، ولكن هذا لا يعني أنهم لن يخطئوا. إن المطوع إنسان يحاول أن يتجنب الزلات، ومع ذلك قد يقع في بعض الأخطاء، تماماً مثل أي إنسان آخر.

يجب أن ندرك أنه من غير العدل أن نقف في صف المنتقدين وننسى أنفسنا، وأن نعطي لأنفسنا الحق في انتقاد أولئك الذين يسعون للتقرب إلى الله وللعمل من أجل الخير. إن الظلم في الحكم على المطاوعة يأتي من أن البعض لا يدرك مدى الجهد الذي يبذله هؤلاء الرجال والنساء لنشر القيم والمبادئ الإسلامية، ويقدمون نماذج يُحتذى بها في المجتمع.

والأدهى من ذلك هو أن الشخص الذي يعيش في الخطايا ولا يلتزم بأدنى أوامر الدين، قد يتجرأ على الطعن في المطاوعة، متناسياً أن هذه الانتقادات تزيد من وزر ذنوبه. يتحدث عن الكذب والخداع، بينما هو نفسه قد بنى حياته على الأكاذيب والسلوكيات غير الأخلاقية.
كيف يمكن لمن يتجاهل الصلاة وينغمس في الرذيلة أن يلوم من يسعى للإصلاح والتنمية الروحية؟ إن ذلك يعد مناقضة صارخة للأخلاق والدين.

ومن العجيب جداً أن هؤلاء الأشخاص الذين يطعنون في رجال الدين وينعتونهم بالكاذبين، عندما يصيبهم أو يصيب أحد من أهله مس أو مرض، يهرعون مسرعين إلى هؤلاء الذين يصفونهم بالكذابين لأخذ العلاج أو الاستشارة. وقد حصل هذا الأمر مع العديد من الأشخاص الذين أعرفهم، حيث أدت بهم الابتلاءات إلى التوجه إلى المطاوعة أو رجال الدين طلباً للعلاج. إن هذا التناقض كفيل جداً ليظهر لنا أن هذه الظاهرة سخيفة وخاطئة.

لو نظرنا إلى المجتمعات التي تعاني من انتشار هذه الظاهرة، نجد أن تأثيرها يتجاوز مستوى الأفراد، إلى تآكل الثقة في المؤسسات الدينية والروحية. وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الناس، أضحت الحاجة إلى رجال الدين وأمثالهم ضرورية أكثر من أي وقت مضى، حيث يلعبون دوراً حيوياً في توجيه الناس نحو الحق والخير.

إن المجتمعات تحتاج إلى وقفة جدية؛ لنفكر في الأخطاء التي نرتكبها، ولنراجع أنفسنا قبل أن نتسرع في إصدار الأحكام على الآخرين.
يتعين علينا أن نتبنى منهج التفاهم والرحمة، ونتذكر أن أخطاء الآخرين لا تعطي لنا الحق في الانتقاص منهم؛ بل ينبغي أن نكون داعمين لهم، نساندهم ونقدر الجهود التي يبذلونها في خدمة دينهم ومجتمعهم.