آخر تحديث :الخميس - 07 نوفمبر 2024 - 05:36 م

كتابات واقلام


الخطأ الجسيم وحياة الجحيم

الخميس - 07 نوفمبر 2024 - الساعة 02:56 م

سعيد أحمد بن اسحاق *
بقلم: سعيد أحمد بن اسحاق * - ارشيف الكاتب


ما زالت الاحداث تلعب على الجنوب العربي على مدى سنوات عجاف طوال.. ووجد ان الاعلام لا يعكس الواقع الملموس ولا يتحمل مسئولياته بصور حية من الاحداث بكل مصداقية بقدر ما هو يرضي السلطات على حساب المواطنين مما جعله في مواجهة مع شعب غاضب يبحث عن الحقائق رافضا للتزييف والالتفاف.. لم يرى ان الاعلام قد نجح في مهمته.

ان الاحداث تتسارع مما جعلتها امام تغيرات تواكب الحدث في ادواته ووسائله، وجعلت الشعب يواجه وجوها لم يعهدها من قبل واخرى تحمل أوزارا.. فكانت للاحداث تداعياتها على المنظومة السياسية في الجنوب نخشى من مواجهة المجاميع بعضها بعضا في ظل تفريخات بأيدي خارجية وبأعلام لا يهتم الا بالفرقعات الاعلامية والاثارة والتضخيم على حساب الموضوعية والحقيقة الغير مثبتة بالأدلة او لقضايا غير ذات أهمية.. لاشك ان تلك الممارسات التي تواجه المواطن الجنوبي أدوات تخريبية وتدميرية للوعي وللعقل، ناهيك عن اختلاق القصص والفضائح والتهم التي لا أصل لها على ارض الواقع.

و أمام هذه التقلبات التي غلبت عليها اللعبة خدمة للاتجاهات السياسية على حساب القضية الجنوبية، فإننا بحاجة ان تكون لنا قنوات جادة تجيد الحوارات الجادة والحقيقية والمناقشات الرصينة والعميقة بين الاطراف لاجل ترسيخ الحوار العلمي الذي يهم القضية بدلا من حوار الطرشان الذي تتبادل اطرافه الاتهامات والشتائم وكأنهم في حلقات للمصارعة وفك الاشتباك.

اننا نفتقر للاعلام الذي يرسخ الاحساس للمواطنين باستقلالهم من قوى الاحتلال الجديد والعمل على خلق الشخصية الوطنية الفاعلة الخالصة والواثقة بنفسها ووطنها والى الدور المهم بالتنمية وباعلام المواطنين بحقائق الامور واثارة الحس الوطني والقومي ومشاركة المواطن في تحمل مسئولية بناء الوطن (الجنوب) على جميع الاصعدة.. فلو كان الجنوب يمتلك الاعلام القوي والجاد لما رأيت في عدن التكتلات الحزبية تجتمع، ومارأيت الايادي الخارجية تستخف بالمطالب الشعبية باستعادة الدولة المخطوفة نتيجة لخطأ جسيم برشفة قلم عاجلة تم التوقيع بوحدة اندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية والتي كانت بمثابة الحكم بالاعدام لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب العربي) ليعيش حياة الجحيم فبإي ذنب يقتل؟! فلو تأمل الاندماجيون الاستقلال لما ورطوا أنفسهم لا في الوحدة ولا في الاندماج.. ولا ورطوا عدن في حروبات لا يخرج منها الا محروقا ومدمرا، وامام انفجارات واغتيالات واختناقات اقتصادية وهجرة ونزوح، ومخابرات لا تعرف الا لتغيير التوازن في وطن مشنوق.. فماذا تريد تلك المكونات الحزبية بإجتماعها في عدن لتثبيت الوحدة، إلا لاعدام ما بقي فيها من نبض؟

إننا نرى ان مشاكل الجنوب باستعادة دولته لن تحل إلا بزلزال في صنعاء من قوى خارجية وحينها سوف تصاب امهات المكونات بالعقم ولن تتوالد بعدها أبدا.. فمراجيح المراحيض ما هي الا مشاريع تفريط آيلة للسقوط مهما قدمت لها من مساندات وعطاءات. فالوضع بالوطن من كثرة ترهله أصبح يلبس عمائم ودشاديش بيضاء وحمراء وخضراء وبدلات ويركض وراء الولائم وطاولات الورش في نقاشات عقيمة وبيانات تناقض بعضها بعضا واستلام الثمن بعد الختام وقد تتخللها الصراعات عند كشف الفوارق. من خلال ملاحظاتنا للمكونات، لم نرى الا مكونات النقيض الذي اعطى نقيضه مكونا وصار للنقيض اكثر من نقيض اليوم فيما يسمى بالتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية الذي يدعي فيه بالتوافق مع جميع الاحزاب لانهاء الانقلاب الحوثي لاستعادة الدولة في حين ان هناك من الاحزاب والمكونات السياسية قد رفضت بما جاء في البيان الختامي للتكتل الوطني للاحزاب والمكونات السياسية وانها غير مسئولة عن مخرجات الاجتماع الذي عقد في عدن بفندق كورال و الذي واجه حصارا من قبل الجمهور احتجاجا لتلك الاحزاب التي لا تحظى بأي شعبية ولا ذكر في ميادين النضال لا هم لها إلا باستعادة الدولة من الحوثيين في حين ان الشعب في الجنوب يطالب باستعادة الدولة الجنوبية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) التي دخلت في وحدة فاشلة وغادرة تعرضت للنهب وتدمير بنيته التحتية ولمؤسساته كاملة باسم الفيد و بفتاو باطله اخرجت شعبا من الاسلام حل قتله وماله، فحق له بالمطالبة باستعادة دولته التي خطفت، لا بحل للقضية الجنوبية كقضية عابرة و مفتاح لمعالجة القضايا الوطنية ووضع اطار خاص لها في الحل السياسي النهائي كما ذكر البيان الذي يناقض بعضه بعضا مع المطالب الشعبية وماقدمته من تضحيات روت دماءهم الطاهرة التراب الجنوبي باستعادة دولته الجنوبية لا كقضية جنوبية عابرة لاجل معالجات اخرى، ونسوا ان الجنوب وطنا وهوية مستقلة ذات سيادة وتاريخ راسخ ثابت وليس تاريخ منتهي الصلاحية.. فالجنوب ليس له علاقة باليمن كما انه ليس له علاقة بالحوثة ولا بالانقلاب فهذا شأن يمني.. كان الاجدر بهم ان يحرروا ارضهم اليمنية واعراضهم من السجون وبالاجتماع في مأرب أو تعز . فأي حفاظ يتحدث عنه البيان اذن على سيادة الجمهورية واستقلالها؟ أهو من احتلال ايراني او من تمرد حوثي ام من انقلاب على العقيدة او على ثورة 26/سبتمبر؟تعددت الأسئلة، وعلى ماذا يحيي التكتل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية؟ أليست القوات الجنوبية على طول الجبهات هي وحدها في الميدان؟ واي اطار دولة اتحادية تتحدث عنها؟ والاحزاب بالميثاق الوطني اقسمت اليمين باستعادة الدولة بدولة فيدرالية وفقا للمطالب الشعبية؟! إنه التناقض الذي كشف الوجوه واسقطت الاقنعة عنها في اكبر فضيحة ورب ضارة نافعة فكل ما يضرك من ناحية يفيدك من ناحية أخرى.

لاشك ان التكتل الوطني للاحزاب والمكونات السياسية جاء على غرار الانتخابات الأمريكية الساخنة ولمن ترجح شوكة الميزان.. ولذا كان اجتماعه من سيجلس في البيت الابيض خلال الايام القليلة جدا..فكان يوما واحدا فاصلا بين من سيحسم الامر.. ولذا جاء اعلان تشكيل التكتل الوطني للاحزاب والمكونات السياسية في الخامس من نوفمبر 2024 م سباقا لاعلان نتائج الانتخابات الأمريكية في السادس من نوفمبر بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب مما جعل المتحدث الحوثي يعلن بأن عمليات الحوثي في المياه الدولية دفاعية فقط ويعلن عن ايقافها فماذا يقول التكتل الوطني للاحزاب والمكونات السياسية بعد فوز ترامب؟ أليس اجتماع التشكيل بايعاز امريكي وبرعاية وتمويل المعهد الديمقراطي الامريكي؟ أليس الحاجة من الاجتماع ان المستقبل يتوقف على انتخابات الرئاسة الأمريكية ولهذا أتيتم الى عدن حسب ما أراد الراعي والممول لكم؟ فمالكم صامتون بعد فوز ترامب الجمهوري؟ فعلى ماذا راهنتم والى ماذا وصلتم؟ لاشك ان هناك اعاصير تتجمع وعوامل مؤثرة تعمل على انتاجها وتوليدها بحسابات دقيقة ننتظرها.. تتوقف على كيفية التعامل.

حسمت الخيارات الأمريكية وانتهت وبانت معالم الطريق وظهرت الأهداف واضحة جلية، وعلينا كجنوبيين ان نبني جيشا اعلاميا قويا لا يقل عن جيشنا الجنوبي قوة وانتماءا ومخلصا للوطن ومحافظا للهوية وعازما على استعادة الدولة الجنوبية ولا شئ غيرها نكون اولا نكون، واذا وجدت ارادة للحوار فإننا نقول ليس وقتها الآن فالمرحلة الذي يمر بها الجنوب صعبة وعلى القيادات الجنوبية السنية أن تتيقظ وتنتبه الى المخطط الذي يتم، كما ان التطلع الى خارج الحدود سيؤدي الى عاصفة تهب على كل الجنوب كما يتراءى لنا المشهد من خلال المكونات التجريبية والتكتلات الحزبية والمكونات السياسية المتزامن مع قرب من سيجلس في البيت الابيض. فالمرحلة الحالية تبين ان هناك اتفاق أمريكي ايراني بتكليف ايران شرطي على الخليج وجزيرة العرب لانتزاع النفوذ السني حاكما ومحكوما وذلك لتمكين الشيعة في الخليج والحوثة على اليمن والجنوب العربي وباب المندب وخليج عدن ولذا كان اعلان المتحدث الحوثي بايقاف عملياته نهائيا في المياه الدولية عشية اعلان اعلان دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية مع تزامن اعلان تكوين التكتل الوطني للاحزاب والمكونات السياسية والبيان الختامي المتناقض في صيغته واهدافه.
ولهذا نحن بحاجة الى اعلام قوي قادر على اجادة حوار قوي ومشاركة حقيقية وانضباط الشارع الجنوبي فلا يسمح لنفسه بأن يباع ويشترى بكل سهولة وقناعة راسخة بأهمية استعادة الدولة الجنوبية قوية.. فهو وحده من سينقذ الجنوب ويحمي الجنوبيين.