آخر تحديث :الخميس - 21 نوفمبر 2024 - 10:29 م

كتابات واقلام


رياح الاحداث وتأثيراتها على واقعنا

الثلاثاء - 12 نوفمبر 2024 - الساعة 08:36 م

سعيد أحمد بن اسحاق *
بقلم: سعيد أحمد بن اسحاق * - ارشيف الكاتب


لم يأتي صباح الجمعة للثامن من نوفمبر /2024م من جديد ولم يغير من مجرى تاريخ وطبائع قبائل صنعاء شئ فهو طبع قد تطبع بها القوم منذ ولادة الاسود العنسي وابرهة وربما قبله، فقد حفظ التاريخ القديم والحديث احداث جسام من الخيانة والغدر الكثير وقد تكبدت القوات المصرية منها وعانت كما عانى الجنوب العربي المرارة منذ استقلاله من الاحتلال البريطاني ومازال يعاني الى يومنا هذا.. واخذت قوات التحالف جزءا منه في مأرب واليوم داخل سيئون في حضرموت الآمنة والمضيافة لضيوفها وهي مستهدفة استهدافا مدروسا لتغيير صورتها امام العالم في عاداتها ومعاملاتها وعقيدتها جزاء سمعتها العالية في كثير من الدول ودعوتها لاعتناق الدين الاسلامي بأخلاقها وهذا الذي يستهدف فيها لتحطيم اواصر الاخوة من خلال تكوينات فقاعية لا تتقن إلا الكلام والاتهام للتفريق والمهاترة، ولاشك انه انزلاق خطير لتفتيت النسيج الحضرمي ليظهر في صورة مغايرة عن ما هو معروف عنهم في التعاضد ووحدة الصف وعلو السمو والاخلاق.. ولن تدوم امة إلا بأخلاقها والعدو يعرف ذلك ومن هنا جاء الاستهداف منطلقا من مبدأ أن العلاقات الدولية هي علاقات القوة، وليس القانون كما أن القوة باقية، والقانون يقنن ويشرع ما هو باق. والهيمنة هي وحدها التي تفرض الآراء والمصالح وليست الاخلاق، ولتثبيت ذلك لابد من الادوات التي تسمح لها بالتطبيق وبأرخص الأثمان، ولذا توالت التكوينات على حضرموت تباعا لتعمل على عدم الاستقرار لتطويع مايراد تطويعه عبر احداث مفتعلة يتحمل أبناء حضرموت وجيرانه الذي يجمعهم المذهب والاسرة الواحدة منذ الازل لان يكونوا ضحايا التغييرات بموجب الداروينية الاجتماعية في شكلها الخام المتجاهل لدور التعاون والتحالف؛ واضعا التركيز على التنافس والتصارع.

ان حضرموت والجنوب امام لعبة توم وجيري، فهل لأحداث الثامن من نوفمبر في المنطقة العسكرية الاولى لاجل استغلال حدث وربما التلاعب بها لتعزيز وترويج لسياسة يجهلها اصحاب الارض،..؟ لكن المشكلة كما نراها لا تكمن في الحدث نفسه بقدر ما تكمن في طبيعة السياسات الدولية لفرض سياسات تقودنا الى منعطف خطير.

ولقد تذكرت مقولة جورج أورويل اثناء كتابتي لهذه الاسطر وما نشاهده من مكونات وتكتلات وخاصة تكتل الاحزاب اليمنية التي تجمعت في عدن عاصمة الجنوب العربي يقول فيها:(الحيوانات متساوية، ولكن بعض الحيوانات متساوية أكثر من غيرها) عبارة أوقفتي كثيرا جعلت القلم يتجمد بين أصبعي؛ وناظري بإتجاه الجدار القريب مني أركز فيه لعلي أجد ما يفسر بخاطري، فلم يتجلى لي إلا التناقض في مفهوم المطالب العامة والسباب والاتهام لاعضاء الجسم الواحد.. ومن المضحك ان تقع تلك المكونات فريسة في ايدي أناس يجهلون المبادئ الاساسية لمطالب شعبية من المهرة الى باب المندب؛ لفرض آرائها ومصالحها من خلال ظلال عصاء المادة السابعة الاممية الغليظة: التي كانت حجر عثرة لاستعادة الدولة الجنوبية وتأمين الممر الدولي ووقف الارهاب من المد الفارسي وتوسيع الحرب على الجزيرة والخليج العربي.
إن الأحداث وإن صغرت في عيون البعض إلا أنها كبيرة في تأثيراتها وأبعادها، وأوجدت فجوة بل صدع كبير سواء في حضرموت بصورة خاصة او بالجنوب بشكل عام ولاشك ان لها تأثيراتها للغاية يتحتم العمل بوضع خطة ليلتئم الصدع للخروج منه بسلام، وان الهجوم الارهابي على جند من جنود التحالف وتحديدا السعودية الشقيقة هو اعتداء على الاراضي الجنوبية بدرجة أولى وليس على حضرموت لوحدها لانه من المنظور الجنوبي يرون أن المنطقة العسكرية الاولى خطرا جسيما عليهم. ولكن اين الجنوب من هذه الاحداث التي تكاد تكون متشابهة في حدثها وتوقيتها؟ ان الوضع المتدهور في الجنوب ليست الا لحظة ماتلامسه الوقائع أو ربما للامتحان إلا أنه لا يوجد شك ان الجنوب يرزح تحت قوى الاحتلال وإن لم يتغلب عليه سيستمر الوضع على ماهو عليه بل سيزداد سوءا.
لاشك ان مصادر التهديد باتت متواجدة ليس في مكان واحد بل في أكثر من مكان، كما ان الضغوطات على الجنوب ليست بهينة وليست بجديدة جعلتنا امام مشاكل كثيرة وغير قادرين على التخطيط لمستقبلنا أمام تقلبات متواترة ومتغيرات متسارعة، وهاهي ايران على موعد مع مناورة عسكرية مشتركة قد تشارك فيها دولا أقليمية. وامام هذه التغيرات التي لم تكن مفاجئة.. على الجنوب ان يجمع نفسه ويحدد خياره فإن الذي حواليه تدشن مشاريعها النووية على العلن واخرى تفعل في الخفاء، وهاهو الاحتلال جعل الجنوب في حروب دائمة أثقلت كاهلنا الاقتصادي؛ وفي غمار كل ذلك جعلتنا في مشاكل كثيرة لم نستطع حلها، واذا استمر الحال على هكذا وضع فلن يكون هناك مفر من مواجهة مستقبل اكثر مرارة مما نواجهه الآن،وسوف ندفع فيه الثمن غاليا؛ ولكن هذه المرة اغلى من اي مرة سابقة نتيجة لانعطافات متعددة وهيمنة اعلامية للتضليل والتبرير باعتبارها أحد أسلحة الحرب الاساسية وبطريقة غير مسبوقة تشن على الجنوب لتقليل قاعدة المجلس الانتقالي و لاضعاف القوات الجنوبية المواجهة مع الحوثيين وكذا للتقليل من قناعتهم باستعادة الدولة الجنوبية ولترسيخ الوحدة مع الشمال وبالتالي مع الحوثة الموالين لايران لتمكين المد الشيعي على الجزيرة العربية برمتها.. وهذا مخطط موجود.

إن ما يهمنا من الاحداث والمكونات والتضليل الاعلامي والهيمنة، انه لابد على الجنوبيين من وضع سياسات اعلامية إن لم تتصد لتأثيرها الضار علينا، فإنها قد تعرقل بأحلامنا وحقوقنا المشروعة باستعادة الدولة نحو دولة فيدرالية. وتمكننا من التعامل معها بحكمة أكبر بتوحيد الصف والكلمة نحو الهدف المنشود، بدلا من الاستسلام لمخططاتها ثم التأسي على ما يجري لنا الجنوبيين من احداث داخل الدائرة الجنوبية دون سواها.