آخر تحديث :الأحد - 22 ديسمبر 2024 - 12:55 م

كتابات واقلام


عرس في غزة

الجمعة - 10 نوفمبر 2023 - الساعة 08:50 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


تحت القصف ومن بين الانقاض وفي واثناء انتشال جثث الاطفال والأمهات من بين الركام وفيما الأدخنة تتصاعد خلال اللهب المنتشر بكثافة في الأنحاء أرتفعت فجاءة الزغاريد واتجهت الأكف نحو بعضها تناغم بين التصفيق ووقع الاقدام على الارض ليتكشف المشهد عن لحظة يصعب لا بل يستحيل حتى تخيل حدوثها في مثل هكذا وضع يضج بالصراخ والهلع والخوف والدموع.
كانت لحظة تخلق مغايرة لا يهتدي إليها إلا من اسلمت قوانين الحياة والبقاء اسرارها لهم فأدركوا كيف يحيلون الموت الى ولادة والدمار الى أعمار والظلمة الى ضياء والحزن الى فرح وسعادة.

لحظة نهوض واقتدار عجزت نوبات الاتربة والادخنة والشظايا المتطايرة ان تحجبها أو تغيب تفاصيلها الملهمة.
لحظة كان مداها ابعد وفعلها أشمل ووجودها أرسخ من قنابل الطائرات المقاتلة وقاذفات اساطيل وغواصات الارهاب العالمي حين احتشدت لتوقفها وتمنع خروجها وتمحي آثار تحققها اليوم وغدا ومستقبلا.

أنها لحظة عرس غزاوي رصدت تواقيع بزوغها عدسة هاتف خلوي ربما كان لشهيد ارتقى إلى ربه او لام أوقعته وهي تبحث عن أحباب لها ( اب أو زواج أو ولد أو جار أو قرايب) وربما كان لشيخ لم يكمل بعد فنجان قهوته ساندا ضهره الى ركن جدار اوتحت ظل شجرة زيتون واعدة.

عرس شاب وشابة يسيران بتأدة وخشوع اياديهم متشابكة وخطواتهم واثقة تنتقل على دروب نظرائهم المرسلة إلى البعيد حيث لا توصل عدسات الرؤية الليلية لدبابات المركافا ولا تقدر أن ترصدها مجسات الاقمار الاصطناعية المنشغلة بثقوب الأرض وانفاق المقاومة موكب عرس لو راءه نتنياهو علنا على شاشات التلفزيون لما جن جنونه وحسب وانما يكون الان قد ذهب بجلطة دماغية. ولو عرضته شاشات أروقة البيت الأبيض على النكرة المسكون بجنون العظمة لماتت آخر خلايا عقلة المتبقية ولراح يهذي بلا وعي ناسيا قوته المعروضة على شواطئ غزة التي عجزت عن وقف استمرار الحياة في غزة .

عرس كان من فضائل خضوع القنوات العربية المخولة في نقل وقائع الدمار والقتل ضد الشعب الفلسطيني حصريا لتعليمات عدم نقل أية مشاهد ترفع من معنويات المشاهد العربي
قنوات موجهة كان قد جاء تجاهلها المقصود والمتعمد لهكذا مشاهد سامقة لصالح سلامة واتمام هذا العرس وضمان تحققه والذي لو نقلته عدسات القنوات العربية لكانت قد ذكرت اسماء العريسين ومكان اقامتهم وذكر أسمائهم مسهلة بذلك قصفه وتسويته بالعدم الذي تسعى إسرائيل ومن يقف ورائها تمجيده وتخييمة على مصير وتطلعات واحلام الانسان العربي وشعوب العالم الحرة وفي المقدمة منهم عرس غزة.