آخر تحديث :الأحد - 07 يوليه 2024 - 01:28 م

كتابات واقلام


الشتم والتجريح يضعف مكانة وسمعة المنتقد !

الخميس - 04 يوليه 2024 - الساعة 09:07 م

د.جمال قاسم المدعامي
بقلم: د.جمال قاسم المدعامي - ارشيف الكاتب


الانتقاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي جيد جدا الى جانب الصحف المناهضة والمستقلة باعتبارها السلطة الرابعة ، من خلالها تتكشف الأمور ويتصلح اللاعوجاج وبذلك السلطة تتجاوب ومن هنا تتعزز الديمقراطية وحرية الكلمة ولكن بكل احترام .
وعطفاً على ذلك ، يجب أن يكون النقد بمفهومه السليم وأسلوبه الصحيح، وما يتعدى ذلك ويصل لمستوى منحط في الخطاب ويكون متجرداً من الأخلاقيات فإنه يستوجب بالتأكيد التعامل وفق ما يقتضيه ويستوجبه القانون.
للأسف الشديد أقولها بأن هناك الكثير من يتطاولوا «بابشع الكلمات » من الشتم ، إما يترفع المرء عن ذكره أو حتى الإشارة إليه، فيه من «الشخصنة» الشيء الكثير، بل غير المعقول، فيه طعن في الشرف طال أشخاص وبعض المناطق، وقيادات ، فيه ألفاظ سوقية لا تصدر حتى عن مراهقين.
كل هذا لا يمت لمفهوم النقد الصحيح ولا لحرية الرأي والتعبير بأي صلة، إذ حتى الحرية لها أطر ومحددات، هي تفقد مضمونها إن تعدت وتطاولت على حريات الآخرين، وحتى النقد لا يكون نقداً حينما يترك الظواهر ويركز على المظاهر وعلى أسلوب حياة الفرد وعلى أموره الشخصية وعلى عائلته وأفرادها، وايضا المناطقية لا داعي لتكريسها في الإعلام بأي وسيلة منه ، ذلك المنطق غير مقبول وممارسته لا يخدم المجتمعات سواء من المسؤولين وتصرفاتهم أو المنتقديين .
لا أعتقد أن ما نقوله يضايق أحداً، خاصة أولئك الذين يرفضون بأن يطالهم أنفسهم وأهليهم أو مناطقهم الشتم والتجريح ، إذ هذه الأفعال ليست حرية تعبير ولا نقداً محترماً راقياً، بل هي قلة أدب، وانحطاط أخلاق، وأساليب تعامل شوارعية والله حتى الحيوانات لا تتعامل مع بعضها بهذا الأسلوب.
للأسف الشديد تكثر مثل هذه الأمور في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي هذه الأوساط الجديدة ضاعت مفاهيم حرية التعبير والنقد، بل وصلت إلى مستويات دنيا، تكشف لك مستوى بعض الناس ودرجة تفكيرهم وضحالة قيمهم، خاصة من يتكلم بغير اسمه وصفته الشخصية، خاصة أولئك الذين «يتبرقعون» و«يتخفون» خلف صور وأسماء وهمية، ويقومون بالاستهزاء بالبشر وكيل قصائد الشتائم والخوض..... ، يقومون بكل أفعال لا يقوم بها إلا ذو نفس بشرية دنيئة وقيم غائبة وكيان مريض.
فرق شاسع بين من ينتقد بأسلوب راقٍ محترم، يركز على المشكلة والموقف والقضية لا على شكل الشخص ولونه وأهله وعائلته. فرق شاسع بين من يتعامل وفق أطر حرية التعبير، وقبل أن يبيح لنفسه درجة ومدى النقد يضع نفسه في موقف الآخرين ويسأل ذاته إن كان يقبل بتلك الأساليب لو كان في موقعهم.
لسنا بصدد دفاع على الفساد والمفسدين ومن يخطأ ، لكننا نريد التأكيد على أنه لا يجوز وغير مقبول أن يطال أي شخص ذا صفة اعتبارية أو غيرها هذا النوع من الأسلوب، والعكس صحيح من المسؤولين عليهم إن يعتبروا كل أفراد المجتمع أسرة واحدة لهم وهم رب تلك الاسرة الكبيرة، وإن يجعلوا السلطة للجميع بكافة أجهزتها ولم تقتصر على منطقة بعينها حتى لا يتجاوز المنتقد نقده ، وحتى لا نخرج على الموضوع ، الشتم والتجريح والخوض في القبيح من الكلام لا يصدر عن أناس يقولون بأنهم ينتقدون الوضع بهدف المصلحة العامة أو بهدف إحقاق الحق. الحق لا يتم إحقاقه باستخدام أساليب الباطل، وكلمات العدالة والحرية أبدا لم تتضمن جمل الشتم والقذف والتجريح.
الحرية في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص متاحة، بل ذات أبواب واسعة، لكن كم عدد ممارسيها بشكلها الصحيح؟! كم عدد المنتقدين برقي النقد السليم؟! كم عددهم الذين لا يخلطون المواقف بالشخوص؟!
نعم من حقنا كلنا انتقاد من يحكمنا سواء شرعية أو انتقالي أو احزاب ....لخ ، من حقنا كلنا انتقاد الحكومة ومسئوليها، ومن حقنا حتى انتقاد الصحافة والكتاب، لكن ليس من حقنا انتقادنا بأسلوب الشتم والتحقير والتجريح في شخوصهم وأعراضهم، النقد يتعرض للممارسات المبنية على المسئوليات والتي فيها التزام تجاه الوطن والمواطن، النقد يطال الفعل الخاطئ ويسعى لتصحيحه، لا يطال الشخص ويجعله عرضة للاستهزاء والتجريح مثلما يتفنن البعض في ذلك بمواقع التواصل الاجتماعي.
مثل هذه الممارسات القبيحة هي يجب أن نتعرفع عنها ونرفضها. ناقشوا الفعل والممارسة لا تناقشوا الشخص وتخوضوا في عرضه وشرفه، وما أكبرها من جريمة غلظ عقوبتها الدين، وما أكبرها من إثم عقابة شديد عند رب العالمين.
وعليه فإن الشرعية والانتقالي هم مطالبون بعمل تدابير وقائية ، وإجراءات اقتصادية ، وحلول سريعة في الخدمات كاملة، وسن لوائح تشريعة وفق القانون، وضبط وتوقيف من يعبث ، لذلك نرجو تنظف الممارسة النقدية ممن يسيئون لمفهوم النقد ويمارسون الشتم بتخفٍ لا يقوم به إلا الجبناء خلف صور وهمية وأسماء مستعارة. وعلى الدولة في أجهزتها المعنية بتطبيق القانون على مثل هذه الجرائم ألا تتهاون وتتخذ الإجراءات بشأن أي بلاغ يصلها، سواء من مسؤول أو حتى أصغر مواطن، فلسنا بغابة، وليست حياة البشر وسمعتهم لعبة في يد من أمسك كيبورد كمبيوتراً أو هاتفاً ذكياً، ليقوم بأغبى فعل وتصرف لا يصدر إلا عن نفوس مريضة وأخلاق ساقطة.
لحد الشتم بألفاظ ساقطة وبذيئة
فقط أتساءل: أهذه سلوكيات يمكن وصفها بأنها سلوكيات الرجال؟! أممارسين هذا الفعل يطلقون على أنفسهم بأنهم أسوياء يستخدمون النقد لخدمة البلد؟! والله عيب، ليس هذا هو النقد الصحيح، وليست هذه صفات وأخلاق الرجال، ولا العقول التي تواجه بوجه مكشوف وتنتقد وإن كان نقدها قاسياً، لكنه نقد محترم راقٍ يجبرك على احترام صاحبه وإن اختلفت معه.
د. جمال المدعامي