آخر تحديث :الأحد - 22 ديسمبر 2024 - 12:55 م

كتابات واقلام


السلطة الرابعة .. نشأتها وعملها

الأربعاء - 17 يوليه 2024 - الساعة 09:03 م

د.جمال قاسم المدعامي
بقلم: د.جمال قاسم المدعامي - ارشيف الكاتب


تعريف السلطة الرابعة سابقا بكلمة واحدة ، فسيكون تعريفها بأنها الصحافة المستقلة ، وقد وصف الصحافة بالسلطة الرابعة، إما حاليا فالسلطة الرابعة هي الاعلام المستقل من صحافة واعلام مرئي أو مسموع أو اكتروني " تواصل اجتماعي " تعبيرا عن مكانتها وأولويتها بين سلطات الدولة ، التنفيذية والتشريعية والقضائية.
السلطة الرابعة وما لها من أثر كبير جدا على الفرد والمجتمع، كونها ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها ، فهي مرادفة للانسان منذ نشوئه حتى يومنا هذا ، وسبب رئيسي ومهم جدا جدا في تطوره ورقيه نتيجة التطور في وسائل الاتصال التي اصبح العالم بفضلها قرية صغيرة، فالحدث في ابعد نقطة يصل في اللحظة نفسها وما نراه اليوم من احداث على المستوى العالمي والاقليمي والداخلي كان سببه السلطة الرابعة التي تعتبر عن وجهة نظر الشعوب وارادتها ، بل وتكشف كثير من الخفايا التي كانت تحاك ما وراء الكواليس ومن خلال التسريبات ووصولها للرأي العام .

ان تاريخ البدء في العمل الاعلامي المدون يرجع إلى زمن البابليين حيث استخدموا كاتباً لتسجيل أهم الأحداث اليومية ليتعرف الناس عليها.

اما ظهور تسمية السلطة الرابعة يرجع إلى بداية نشوء الانظمة الديموقراطية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر عندما قال المفكر الانكليزي الأيرلندي (أدموند بروك) امام مجلس البرلماني البريطاني: (ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان لكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي اهم منكم جميعا)
والمقصود بالسلطة الرابعة (جميع وسائل الاعلام الجماهيرية بما فيها المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية والوسائل الاخرى) الكثير من العامة يجهل العمل السياسي (واقصد من غير الاختصاص السياسي) وافاق السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والتقاطع فيما بينها. كذلك آفاق عمل السلطة الرابعة وتقاطعها مع السلطات الثلاث المذكورة.

ولكن السؤال هل السلطة الرابعة تمنح من السلطات ام وجودها اساسي في النظام الديموقراطي شأنها شأن تلك السلطات؟
الجواب النظام الديموقراطي جاء نقيضاً للنظام الدكتاتوري التعسفي الذي كان سائدا في العالم بعدة تسميات منها الملكيات المطلقة والامبراطوريات مترامية الاطراف على حساب الشعوب حيث كان يستغل فيها الانسان وتصادر جميع حقوقه. لذلك حدثت الحروب الاهلية واستمر الصراع قروناً طويلة بين أنظمة التسلط وبين دعاة الحرية في الاخير انتصر دعاة الحرية ووضع مفكرو النظام الديموقراطي حدوداً تنظيمية تمنع استغلال الانسان من جانب الحكومة، منها عزل السلطات الثلاث التي ارسى مبادئها المفكر الفرنسي(مونتيسكيو) ولانجليزي (جون لوك) كذلك توجد نظريات عديدة لم يؤخذ بها نتيجة بعدها عن الواقع.
عموما ان ما يهمني الحديث عنها هي السلطة الرابعة التي تعتبر دعامة النظام الديموقراطي وصمام الامان لتقويم السلطة التنفيذية او التشريعية ورسم الاتجاه والرأي العام لسلطة الدولة. لانها تستمد سلطتها من سلطة المجتمع التي تكون مساوية او اكثر نفوذاً من سلطة الحكومة. لا كما يفهم بانها تاتي بعد السلطات الثلاث وفق التسمية ، ان ما يحدث اليوم على المستوى الداخلي في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص من نشاطات من اعلام ومفكرين وسياسين ومثقفين وجميع عامة الناس من بلورة كثير من القضايا العالقة عبر الوسائل الاعلامية المستقلة ، سواء كانت جنائية او سياسية او اقتصادية كانت إيجابية لتصحيح الاعوجاج من قبل السلطات الثلاث، لذا على الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي ان تعي المسؤولية التي تقع على عاتقها وان تدعم السلطة الرابعة وتحقق كل ماتحتاجه للقيام باداء واجبها الرقابي والتوجيهي للسلطة.

هذا ما قامت علية الفلسفة الديموقراطية وما أيدته الدساتير في اغلبية دول العالم في التعبير عن حرية الرأي والحرية الطبيعية حيث (تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب).
وحماية حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل
وحرية الصحافة والطباعة والاعلام والنشر.
و حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وينظم بقانون. وقد عرف الدكتور احمد السنهوري في كتابة نظرية العقد الصادرة في سنة 1963 المجلد الثامن بان النظام العام: (كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام العام للمجتمع سواء كان مصلحة سياسية او اقتصادية او ما يتعلق بتكوين الاسرة والاهلية وحماية الملكية والاحوال الشخصية). وليس المصلحة الخاصة كما نراه اليوم في كثير من القضايا .
ان اليوم وما تتحدث عنه السلطة الرابعة من خلال جميع وسائلها الاعلامية شي رائع جدا لنبش القضايا وكشفها سواء كانت قضايا في جانب الاراضي او الانتهاكات للحريات كقضية المقدم علي عشال وغيرها من القضايا التي انتهكت كثير من الإعلاميين، وعدم كشف كثير من القضايا التي قيدت ضد مجهول هذا في حانب الحريات ، ومن جانب اخر ما تتحدث عنه الوسائل الاعلامية في الجانب السياسي وهو التوازن الأمني والعسكري الذي لابد العمل فيه واعطا كل محافظة نصيبها في التأهيل كون ذلك الامر يعتبر صمام امان لاي كيان سياسي في اي مجتمع واستمراره في البناء والتنمية ناهيك عن الأجهزة الاخرى، ان مثل هذه القضايا كان للسلطة الرابعة دورا مهما وفي صلب عملها لأجل الإصلاحات ومازال الدور قائم، ولكن دون المساس بسيادة الوطن، ان العمل على الإصلاحات بما يخدم المصلحة العامة يجب أن يستمر، وعلى السلطات التفهم والنظر إلى افاق بعيدة المدى تصب في المصلحة العامة ، وان لا تجعل نفسها في إطار ضيق من السياسيات والعبر كثيرة جدا على من ساروا في نهج ضيق وجعلوا المصالح الخاصة والمحاباة همهم الشاغل، وكيف كانت نهاية مجتماعاتهم وأثار سياستهم على العالم العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص من تلك السياسات الضيقة الذي اليوم واقعنا يحدثنا عنها.

د. جمال المدعامي