بسبب تهالكها وغياب القانون في استعمالها
خلّف حادثا مرور وقعا مؤخّرا في اليمن وبفارق زمني لم يتعدّ الأسبوعين ما لا يقل عن أربعة وعشرين قتيلا، وذلك كمظهر على التزايد المهول في عدد حوادث الطرقات وأعداد ضحاياها.
ويأتي ذلك نتيجة تضافر سلسلة متشابكة من العوامل أبرزها العامل البشري المتمثّل في تهوّر السواق وعدم مراعاتهم أدنى شروط السلامة بسبب غياب تطبيق القانون نتيجة ارتخاء يد السلطات الساهرة على تطبيقه في الطرقات، وذلك لقلة الإمكانيات وانصراف الأجهزة إلى شؤون أمنية أخرى تعتبرها ذات أولوية على تنظيم حركة السير والسهر على سلامة مستعملي الطرقات العمومية.
ومن العوامل أيضا ما هو تقني ومادي متمثّل في قدم أسطول النقل الخاص والعام على حدّ سواء وتدني مستوى الصيانة، إلى جانب العامل الأبرز المتمثّل في تهالك شبكة الطرقات بسبب العجز عن صيانتها وتجديدها وتوسيعها بما يتناسب وتزايد أعداد مستعمليها والمركبات التي تمرّ عبرها.
وتواجه السلطات اليمنية سواء تعلّق الأمر بالحكومة المعترف دوليا أو حكومة الحوثيين الموازية التي يديرونها من العاصمة صنعاء مصاعب اقتصادية ومالية تمنعها من توجيه تخصيصات مالية لصيانة البنية التحية بما في ذلك بنية النقل من طرقات وجسور وغيرها.
وتعمّق التضاريس الوعرة للبلاد من مشكلة شبكة الطرقات اليمنية التي يمرّ جزء كبير منها بمناطق جبلية وأودية كثيرا ما مثّلت مصائد قاتلة للمركبات وراكبيها، كما يمر جزء آخر بمناطق صحراوية ما يجعلها باستمرار عرضة لزحف الرمال عليها فضلا عن ارتفاع سحائب الغبار الحاجبة للرؤية عن السواق.
وأظهرت إحصائية حديثة نشرتها وزارة الداخلية اليمنية وقوع ما لا يقل عن عشرة أشخاص ضحايا للحوادث المرورية في مناطق سيطرة السلطة الشرعية وحدها، والتي وصفها مسؤول أمني كبير بالحرب الخفية، وذلك بشكل يومي.
وفي أحدث فصول تلك “الحرب” أودى حادث مروري وقع الأربعاء على الطريق الدولي المتّجه صوب الأراضي السعودية عبر محافظة حضرموت بجنوب شرق اليمن بأحد عشر شخصا وجرح ثلاثة آخرين.
وتمثّلت صورة الحادث بحسب مصادر نقلت عنها وكالة رويترز في اصطدام شاحنة نقل متوسطة على متنها العشرات من العمال بشاحنة كبيرة لنقل البضائع في الخط الصحراوي بمديرية رماه شرقي المحافظة. ونجم الحادث بحسب المصادر ذاتها عن خروج مركبة العمال عن خط السير ودخولها في الاتجاه المعاكس.
ويضاف عدد قتلى حادث حضرموت إلى ثلاثة عشر قتيلا من أسرة واحدة كانوا لقوا حتفهم منتصف شهر أكتوبر الماضي حين انقلبت شاحنة رباعية الدفع ذات مقصورتين للركاب على طريق جبلي مرتفع في الطريق العام الممتد من محافظة الحديدة إلى العاصمة صنعاء بغرب اليمن.
ويعتبر تجاوز السرعة القانونية والسير في الاتجاهات الممنوعة والحمولة الزائدة وحمل الأشخاص في مركبات غير مهيّأة للنقل الجماعي للبشر من المخالفات المرورية الشائعة في اليمن والتي تتسبب كل عام في مقتل أعداد مهولة من مستعملي الطرقات في البلاد.
وسقط أكثر من 1213 شخصا بين قتيل وجريح نتيجة أكثر من ألف حادث مروري شهدتها المناطق التابعة للشرعية اليمنية خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر الماضيين، وذلك بحسب أرقام أعلنها حديثا الإعلام الأمني اليمني.
وقال مدير شرطة السير اللواء عمر بامشموس إنّ 371 شخصا من ضحايا تلك الحوادث المرورية كانت إصاباتهم بليغة، ومعظمها سببت لهم عاهات مستديمة وأقعدتهم عن الحركة العضوية، بينما أصيب 666 آخرون بجروح بين خفيفة ومتوسطة.
وذكر أنّ الأضرار المادية التي لحقت بالمركبات جرّاء تلك الحوادث تجاوزت مبلغ 400 ألف دولار، وذلك دون احتساب مصاريف علاج المصابين والتعويضات لأهالي القتلى.
وعلى مدى زمني أطول سقط منذ مطلع العام 2020 وحتى مايو الماضي 10810 أشخاص بين قتيل وجريح نتيجة أكثر من 11 ألف حادث مروري سجل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
وقال المسؤول الأمني إن هذه الحوادث أودت بحياة 1718 شخصا بينما تعرض 9092 آخرون لإصابات متفاوتة الخطورة بين البليغة والمتوسطة والطفيفة.
وأشار إلى عامل مخالفة القوانين في كثرة عدد حوادث الطرقات في اليمن وارتفاع أعداد ضحاياها وغلاء الفاتورة المادية المترتّبة عليها، داعيا إلى ضرورة الالتزام بقانون وقواعد وآداب السير واستخدام الطرقات بطريقة آمنة وأسلوب أمثل للتخفيف من آثار ما وصفه بـ”الحرب الصامتة على الطرقات”.
كما دعا الجهات الرسمية والمجتمعية ووسائل الإعلام والاتصال ومؤسسات التنشئة وغيرها إلى الإسهام والمشاركة في نشر الوعي والثقافة المرورية في أوساط المجتمع حفاظا على الأرواح والممتلكات، موجها رجال المرور وشرطة السير بالمحافظات إلى بذل المزيد من الجهود الميدانية الكفيلة بالحد من الحوادث وتخفيض مستويات الازدحامات والاختناقات المرورية وضبط المخالفات.